الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الفخر: أما الكتاب فهو التوراة آتاه الله إياها جملة واحدة، روي عن ابن عباس أن التوراة لما نزلت أمر الله تعالى موسى بحملها فلم يطق ذلك، فبعث الله لكل حرف منها ملكًا فلم يطيقوا حملها فخففها الله على موسى فحملها. اهـ. .قال الألوسي: وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن التوراة نزلت جملة واحدة فأمر الله تعالى موسى عليه السلام بحملها فلم يطق فبعث بكل حرف منها ملكًا فلم يطيقوا حملها فخففها الله تعالى لموسى عليه السلام فحملها، وقيل: يحتمل أن يكون آتينا الخ أفهمناه ما انطوى عليه من الحدود والأحكام والأنباء والقصص وغير ذلك مما فيه، والكلام على حذف مضاف أي علم الكتاب أو فهمه وليس بالظاهر. اهـ. .اللغة: {وقفينا} أردفنا وأتبعنا، وأصله من القفا يقال: قفاه إذا اتبعه، وقفاه بكذا إذا اتبعه إياه. {البينات} المعجزات الباهرات كإبراء الأعمى والأبرص، وإحياء الموتى. {أيدناه} قويناه مأخوذ من الأيد وهو القوة. {روح القدس} جبريل عليه السلام، والقدس: الطهر والبركة. {تهوى} تحب من هوي إذا أحب ومصدره الهوى. {غلف} جمع أغلف، والغلاف: الغطاء، يقال: سيف أغلف إذا كان في غلافه، وقلب أغلف أي مستور عن الفهم والتمييز، مستعار من الأغلف وهو الذي لم يختن. {لعنهم} أصل اللعن في كلام العرب: الطرد والإبعاد، يقال: ذئب لعين أي مطرود مبعد، والمراد: أقصاهم وأبعدهم عن رحمته. {يستفتحون} يستنصرون من الاستفتاح وهو طلب الفتح أي النصرة. {بئسما} أصلها بئس ما أي بئس الذي، وبئس فعل للذم، كما أن نعم للمدح. {بغيا} البغي: الحسد والظلم، وأصله الفساد من بغى الجرح إذا فسد، قاله الأصمعي. {باءوا} رجعوا، وأكثر ما يستعمل في الشر، كقولهم: باء بالخزي واللعنة. {مهين} مخز مذل، مأخوذ من الهوان بمعنى الذل. اهـ. .القراءات والوقوف: .القراءات: {بئسما} وبابه بغير همز: أبو عمرو ويزيد والأعشى وورش وحمزة في الوقف. {ينزل} خفيفًا: ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب. .الوقوف: .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ الرسل}: .قال الفخر: والجواب: لم لا يجوز أن يكون المقصود من بعثة هؤلاء الرسل تنفيذ تلك الشريعة السالفة على الأمة أو نوع آخر من الألطاف لا يعلمها إلا الله، وبالجملة، فالقاضي ما أتى في هذه الدلالة إلا بإعادة الدعوى، فلم قال: إنه لا يجوز بعث هؤلاء الرسل إلا لشريعة جديدة أو لإحياء شريعة اندرست وهل النزاع وقع إلا في هذا؟. اهـ. .قال الألوسي: .قال الفخر: .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وآتينا عيسى ابن مريم البينات}: .قال الفخر: قال الفخر: قيل عيسى بالسريانية أيشوع، ومريم بمعنى الخادم، وقيل: مريم بالعبرانية من النساء كزير من الرجال، وبه فسر قول رؤبة: الْمَسْأَلَةُ الثالثة: في البينات وجوه: أحدها: المعجزات من إحياء الموتى ونحوها عن ابن عباس، وثانيها: أنها الإنجيل. وثالثها: وهو الأقوى أن الكل يدخل فيه، لأن المعجز يبين صحة نبوته كما أن الإنجيل يبين كيفية شريعته فلا يكون للتخصيص معنى. اهـ. .قال الألوسي: .قال الفخر: أحدها: أنه جبريل عليه السلام وإنما سمي بذلك لوجوه. الأول: أن المراد من روح القدس الروح المقدسة كما يقال: حاتم الجود ورجل صدق فوصف جبريل بذلك تشريفًا له وبيانًا لعلو مرتبته عند الله تعالى. الثاني: سمي جبريل عليه السلام بذلك لأنه يحيا به الدين كما يحيا البدن بالروح فإنه هو المتولي لإنزال الوحي إلى الأنبياء والمكلفون في ذلك يحيون في دينهم. الثالث: أن الغالب عليه الروحانية وكذلك سائر الملائكة غير أن روحانيته أتم وأكمل. الرابع: سمي جبريل عليه السلام روحًا، لأنه ما ضمته أصلاب الفحول وأرحام الأمهات، وثانيها: المراد بروح القدس الإنجيل، كما قال في القرآن: {رُوحًا مّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] وسمي به لأن الدين يحيا به ومصالح الدنيا تنتظم لأجله. وثالثها: أنه الاسم الذي كان يحيي به عليه السلام الموتى، عن ابن عباس وسعيد بن جبير، ورابعها: أنه الروح الذي نفخ فيه والقدس هو الله تعالى فنسب روح عيسى عليه السلام إلى نفسه تعظيمًا له وتشريفًا، كما يقال: بيت الله وناقة الله، عن الربيع، وعلى هذاب المراد به الروح الذي يحيا به الإنسان. واعلم أن اطلاق اسم الروح على جبريل وعلى الإنجيل وعلى الاسم الأعظم مجاز لأن الروح هو الريح المتردد في مخارق الإنسان ومنافذه ومعلوم أن هذه الثلاثة ما كانت كذلك إلا أنه سمي كل واحد من هذه الثلاثة بالروح على سبيل التشبيه من حيث أن الروح كما أنه سبب لحياة الرجل، فكذلك جبريل عليه السلام سبب لحياة القلوب بالعلوم، والإنجيل سبب لظهور الشرائع وحياتها، والاسم الأعظم سبب لأن يتوسل به إلى تحصيل الأغراض إلا أن المشابهة بين مسمى الروح وبين جبريل أتم لوجوه: أحدها: لأن جبريل عليه السلام مخلوق من هواء نوراني، لطيف فكانت المشابهة أتم، فكان إطلاق اسم الروح على جبريل أولى. وثانيها: أن هذه التسمية فيه أظهر منها فيما عداه، وثالثها: أن قوله تعالى: {وأيدناه بِرُوحِ القدس} يعني قويناه، والمراد من هذه التقوية الإعانة وإسناد الإعانة إلى جبريل عليه السلام حقيقة وإسنادها إلى الإنجيل والاسم الأعظم مجاز، فكان ذلك أولى، ورابعها: وهو أن اختصاص عيسى بجبريل عليهما السلام من آكد وجوه الاختصاص بحيث لم يكن لأحد من الأنبياء عليهم السلام مثل ذلك لأنه هو الذي بشر مريم بولادتها وإنما ولد عيسى عليه السلام من نفخة جبريل عليه السلام وهو الذي رباه في جميع الأحوال وكان يسير معه حيث سار وكان معه حين صعد إلى السماء. اهـ. .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُم استكبرتم}: .قال الفخر: وإنما كانوا كذلك لإرادتهم الرفعة في الدنيا وطلبهم لذاتها والترؤس على عامتهم وأخذ أموالهم بغير حق، وكانت الرسل تبطل عليهم ذلك فيكذبونهم لأجل ذلك ويوهمون عوامهم كونهم كاذبين ويحتجون في ذلك بالتحريف وسوء التأويل، ومنهم من كان يستكبر على الأنبياء استكبار إبليس على آدم. أما قوله تعالى: {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} فلقائل أن يقول: هلا قيل وفريقًا قتلتم؟ وجوابه من وجهين: أحدهما: أن يراد الحال الماضية لأن الأمر فظيع فأريد استحضاره في النفوس وتصويره في القلوب. الثاني: أن يراد فريقًا تقتلونهم بعد لأنكم حاولتم قتل محمد صلى الله عليه وسلم لولا أني أعصمه منكم ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة. وقال عليه السلام عند موته: «ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري» والله أعلم. اهـ.
|