الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ بِهِ كَمَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عَمْرٍو ثُمَّ ذَكَرَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا قَدْ شَدَّ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الأَوَّلِ; لأَنَّ فِيهِ مَا يُوجِبُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ لَوْ كَانَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ فَتْحِهَا عَلَى غَيْرِ قِسْمَةِ الإِسْلاَمِ لِمُضِيِّ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الْقَسْمِ, وَإِنْ كَانَتْ قِسْمَتُهُ حِينَئِذٍ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ وَفِي أَحْكَامِ الإِسْلاَمِ مُخَالِفَةً لَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُعَامَلَةُ بِالرِّبَا الَّذِي ذَكَرْنَا حِينَئِذٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْلِهَا الْمُشْرِكِينَ قَدْ كَانَ جَائِزًا وَهُوَ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ وَفِي أَحْكَامِ الإِسْلاَمِ فِيهِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ, وَاَللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ بِهِ كَمَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عَمْرٍو ثُمَّ ذَكَرَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا قَدْ شَدَّ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الأَوَّلِ; لأَنَّ فِيهِ مَا يُوجِبُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ لَوْ كَانَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ فَتْحِهَا عَلَى غَيْرِ قِسْمَةِ الإِسْلاَمِ لِمُضِيِّ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الْقَسْمِ, وَإِنْ كَانَتْ قِسْمَتُهُ حِينَئِذٍ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ وَفِي أَحْكَامِ الإِسْلاَمِ مُخَالِفَةً لَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُعَامَلَةُ بِالرِّبَا الَّذِي ذَكَرْنَا حِينَئِذٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْلِهَا الْمُشْرِكِينَ قَدْ كَانَ جَائِزًا وَهُوَ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ وَفِي أَحْكَامِ الإِسْلاَمِ فِيهِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ, وَاَللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ جَمِيعًا قَالاَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ كُنْت عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلاَنِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ انْتَزَى عَلَى أَرْضِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عَيْدَانَ فَقَالَ لَهُ بَيِّنَتُك بَيِّنَتُك قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ قَالَ: يَمِينُهُ قَالَ: إذَنْ يَذْهَبُ بِهَا قَالَ: لَيْسَ لَك إِلاَّ ذَلِكَ فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي فَقَالَ الْكَنَدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ أَلَك بَيِّنَةٌ؟ قَالَ لاَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأُحَلِّفُهُ فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ يَمِينٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلاَّ ذَلِكَ فَانْطَلَقَ لِيُحَلِّفَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَا إنَّهُ إنْ حَلَفَ عَلَى مَالِكَ ظُلْمًا لِيَأْكُلَهُ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ. حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ يَا رَسُولَ اللهِ: إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لأَبِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خُصُومَةُ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَصْبٍ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ إيَّاهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَدُعَاءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُدَّعِيَ بِبَيِّنَةٍ إنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ, وَإِعْلاَمُهُ إيَّاهُ أَنَّ لَهُ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ طَلَبَهَا. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عِنْدَهُ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَهُ, لَحُكِمَ لَهُ بِهِ عَلَى مَنْ ادَّعَاهُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ عَلَى الَّذِي كَانَ غَصَبَهُ إيَّاهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِغَصْبِهِ إيَّاهُ كَانَ مِنْهُ. فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ يَغْصِبُ الْحَرْبِيَّ أَرْضًا فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ يُسْلِمَانِ فَيَخْتَصِمَانِ فِيهَا إلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَنْظُرُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا فِيهِ كَمَا يَحْكُمُ فِي مِثْلِهِ لَوْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إنْ كَانَ مَلِكُهُمْ خُوصِمَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي دَارِ مِلْكِهِ فَجَعَلَهُ لِغَاصِبِهِ بِغَصْبِهِ إيَّاهُ ثُمَّ خُوصِمَ فِي ذَلِكَ إلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ أَمْضَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ, وَإِنْ كَانَ لَمْ يُخَاصِمْ فِي ذَلِكَ إلَى مَلِكِهِمْ وَلاَ كَانَ مِنْهُ فِيهِ إمْضَاؤُهُ لِغَاصِبِهِ نَظَرَ فِيمَا بَيْنَ الْغَاصِبِ لَهُ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَحَكَمَ فِي ذَلِكَ كَمَا يَحْكُمُ فِي غَصْبِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي دَارِ الإِسْلاَمِ. وَكَانَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا يَحْتَجُّ لَهُ فِيهِ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ مِيرَاثٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَكُلُّ مِيرَاثٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الإِسْلاَمِ قَالَ: فَكَمَا كَانَ الْمِيرَاثُ إذَا قُسِّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى غَيْرِ حُكْمِ الإِسْلاَمِ أَمْضَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرُدَّ إلَى حُكْمِ الإِسْلاَمِ, وَإِذَا لَمْ يَقْسِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ, قَسَمَ عَلَى حُكْمِ الإِسْلاَمِ, كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الْغَصْبِ الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا أُجْرِيَ فِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْنًى, أَمْضَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ, وَلَمْ يَرُدَّ إلَى حُكْمِ الإِسْلاَمِ وَإِذَا لَمْ يَمْضِ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حَتَّى أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ رَدَّ إلَى حُكْمِ الإِسْلاَمِ فِيهِ, وَاَللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَتَبَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَقْرَأُ مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ إنَّهُ وَأَصْحَابَهُ نَبَشُوا عَلَى صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحُوا قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَلَى صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَبَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِحَمْدِ اللهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ وَلاَ مِنْ الأَنْصَارِ وَأَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا. فَقَالَ قَائِلٌ: قَدْ ذَكَرْتَ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِك هَذَا مَا دَفَعْتَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ كَانَ الَّذِي يُمْلِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَكْتُبُ خِلاَفَهُ يُمْضِيهِ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَعْنَى مَا أَمْلَى عَلَيْهِ مَعْنًى مَا كَتَبَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ مَا يَقْرَأُ مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قُرْآنًا إذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ قُرْآنٍ مِمَّا كَانَ يَكْتُبُهُ إلَى مَنْ يَدْعُوهُ إلَى اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ ثُمَّ يَقْرَؤُهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ لِيَسْمَعُوهُ وَيَعْلَمُوهُ, وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ بِأَمْرِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِرَاءَةً لَهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَقْرُوءٍ قُرْآنًا قَالَ: اللَّهُ، تَعَالَى، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أُنَاسٍ مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَالُ لَهُمْ الْحُرُقَاتِ فَأَتَيْتُ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَذَهَبْتُ لاََطْعَنُهُ فَقَالَ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَطَعَنْتُهُ فَقَتَلْتُهُ فَجِئْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ قَتَلْتَهُ وَهُوَ شَهِدَ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا قَالَ: أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا وَقَدْ نَذَرُوا بِنَا فَخَرَجْنَا فِي آثَارِهِمْ فَأَدْرَكْت مِنْهُمْ رَجُلاً فَجَعَلَ إذَا لَحِقْتُهُ قَالَ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ وَقُلْتُ إنَّهُ لَمْ يَقُلْهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ إنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنْ السِّلاَحِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ كَأَنَّهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَقَالَ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهَ ثُمَّ قَتَلْتَهُ؟ فَهَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنْ السِّلاَحِ قَالَ أُسَامَةُ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ أَقَالَ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ قَتَلْتَهُ؟ حَتَّى وَدِدْت أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إِلاَّ يَوْمَئِذٍ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَيْشٍ إلَى الْحُرُقَاتِ حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ فَلَمَّا يَعْنِي هَزَمْنَاهُمْ ابْتَدَرْت أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ فَقَالَ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ وَظَنَنْتُ أَنَّمَا يَقُولُهَا تَعَوُّذًا فَقَتَلْتُهُ فَرَجَعَ الأَنْصَارِيُّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا أُسَامَةُ قَتَلْتَ رَجُلاً بَعْدَ أَنْ قَالَ يَعْنِي لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ كَيْفَ تَصْنَعُ بِلاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: فَمَا زَالَ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى وَدِدْت أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إِلاَّ يَوْمَئِذٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَتْلُ أُسَامَةَ الَّذِي قَتَلَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, وَإِنْكَارُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ وَأُسَامَةُ فَلَهُ مِنْ الإِسْلاَمِ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ لَهُ مِنْهُ فَقَالَ قَائِلٌ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لاَ أَصْلَ لَهُ وَلَوْلاَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمَا بَقِيَتْ أَحْوَالُهُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِإِتْيَانِهِ هَذَا الْجُرْمَ الْعَظِيمَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ بَقِيَتْ أَحْوَالُ أُسَامَةَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذَا الْفِعْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَعْنًى أَوْجَبَ لَهُ الْعُذْرَ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ وَقَفَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ شَيْئًا مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي قَالَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بَعْدَ حُلُولِ أُمُورِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَقْبَلَتْ إلَيْهِ بِعُقُوبَتِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لاَ يَرْفَعُ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ عَنْهُ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إلَى الإِسْلاَمِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا وَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ وَدَفَعَ إلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ حَتَّى إذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَمَرَ خَالِدٌ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ فَقُلْتُ: وَاَللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرْنَا صُنْعَ خَالِدٍ لَهُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ بَنِي جَذِيمَةَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا فَكَانَ مِنْ خَالِدٍ فِيهِمْ مَا كَانَ فَكَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْ خَالِدٍ مَا كَانَ مِمَّا ذَلِكَ كُلُّهُ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَائِلٌ: مَا الْمَعْنَى الَّذِي تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْذَ الْوَاجِبِ لَهُمْ مِنْ خَالِدٍ لَمَّا كَانَ مِنْهُ فِيهِمْ بَعْدَ إسْلاَمِهِمْ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ صَبَأْنَا قَدْ يَكُونُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِ الصَّابِئِينَ, وَقَدْ يَكُونُ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ; إِلاَّ أَنَّهُ زَوَالٌ عَنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ فَكَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ مِنْ إنْكَارِهِ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَا كَانَ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ الاِسْتِثْبَاتُ فِي أُمُورِهِمْ وَالْوُقُوفُ عَلَى إرَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِمْ صَبَأْنَا هَلْ ذَلِكَ إلَى الإِسْلاَمِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ؟ فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَرِئَ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا كَانَ مِنْهُ وَلَمْ يَأْخُذْ لَهُمْ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ يَقِينًا وُجُوبَهُ لَهُمْ فِي قَتْلِ خَالِدٍ إيَّاهُمْ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُكَيْبٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَشْتَرُ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَعَمَّارٌ فِي سَرِيَّةٍ فَأَصَبْنَا أَهْلَ بَيْتٍ قَدْ كَانُوا وَحَّدُوا فَقَالَ عَمَّارٌ رضي الله عنه إنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ احْتَجَزُوا مِنَّا بِتَوْحِيدِهِمْ فَسَفَّهْتُهُ وَلَمْ أَحْفِلْ بِقَوْلِهِ فَلَمَّا رَجَعْنَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَكَانِي إلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَنْتَصِرُ لَهُ مِنِّي أَدْبَرَ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا خَالِدُ لاَ تَسُبَّ عَمَّارًا فَإِنَّهُ مَنْ يَسُبَّ عَمَّارًا سَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يُسَفِّهْ عَمَّارًا يُسَفِّهْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قُلْت وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا مِنْ ذُنُوبِي شَيْءٌ أَخْوَفُ عَلَيَّ مِنْهُنَّ فَاسْتَغْفِرْ لِي قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ عَمَّارٍ فِي أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الَّذِينَ كَانُوا وَحَّدُوا أَنَّهُمْ قَدْ احْتَجَزُوا بِتَوْحِيدِهِمْ, وَأَنَّ خَالِدًا لَمْ يَحْفُلْ بِقَوْلِهِ وَكَانَ مَعْنَى خَالِدٍ فِي أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ كَمَعْنَى أُسَامَةَ فِي قَتِيلِهِ الَّذِي قَتَلَهُ بَعْدَ تَوْحِيدِهِ, وَكَانَ مَا كَانَ مِنْ عَمَّارٍ فِيهِمْ إصَابَةُ حَقِيقَةِ حُكْمِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِيهِمْ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي اجْتِهَادِهِ مَحْمُودًا, وَكَانَ عَمَّارٌ فِي ذَلِكَ فَوْقَ خَالِدٍ فِي الْحَمْدِ لِلإِصَابَةِ مِنْهُ لِحَقِيقَةِ الأَمْرِ فِي ذَلِكَ وَلِتَقْصِيرِ خَالِدٍ عَنْهُ, وَاَللَّهَ نَسْأَلَهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إلَى أُنَاسٍ مِنْ خَثْعَمَ فَاعْتَصَمُوا بِالسُّجُودِ فَقَتَلَهُمْ فَوَدَاهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِنِصْفِ الدِّيَةِ ثُمَّ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا. فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ ارْتَفَعَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَا كَانَ مِنْهُ فِي هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى سُجُودِهِمْ وَوُجُوبِ الإِسْلاَمِ لَهُمْ بِذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ السُّجُودَ غَيْرُ مَوْقُوفٍ بِهِ عَلَى حَقِيقَةِ مَنْ يَكُونُ مِنْهُ مِمَّنْ لَمْ يُعْلَمْ إسْلاَمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ; لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَيَكُونُ إسْلاَمًا لِفَاعِلِهِ, وَقَدْ يَكُونُ عَلَى التَّعْظِيمِ لِلرَّئِيسِ فَلاَ يَكُونُ إسْلاَمًا لِفَاعِلِهِ بَلْ يَكُونُ مَقْتًا لَهُ وَلِلْمَفْعُولِ لَهُ إنْ رَضِيَهُ مِنْ فَاعِلِهِ فَلَمَّا كَانَ السُّجُودُ كَمَا ذَكَرْنَا وَمُحْتَمِلاً وَصْفُنَا دَخَلَ ذَلِكَ مِنْ خَالِدٍ فِيمَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ فِيهِ حُجَّةٌ فِي قَتْلِهِ مَنْ قَدْ يَكُونُ لَهُ قَتْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ الاِسْتِثْبَاتُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَ إرَادَةَ أُولَئِكَ الْقَوْمِ بِسُجُودِهِمْ مَا هُوَ هَلْ هُوَ الإِسْلاَمُ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَدَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا وَدَاهُمْ بِهِ تَطَوُّعًا مِنْهُ بِذَلِكَ وَتَفَضُّلاً مِنْهُ بِهِ وَجَزَاءً مِنْهُ لِغَيْرِهِمْ إلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا فَإِنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ جَمِيعًا يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَرْفِ لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا وَيَقُولُونَ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْكُنَ بِلاَدَ الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونُ مَعَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَارَ صَاحِبِهِ, وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ الْعَرَبُ تَقُولُ دَارِي تَنْظُرُ إلَى دَارِ فُلاَنٍ وَدُورُنَا تُنَاظِرُ. وَالآخَرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا يُرِيدُ نَارَ الْحَرْبِ, وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ، تَعَالَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ السُّمَيْطِ بْنِ السُّمَيْرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أَبِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا غَشِيَهُ بِالرُّمْحِ قَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي قَدْ أَذْنَبْت فَاسْتَغْفِرْ لِي فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إنِّي حَمَلْتُ عَلَى رَجُلٍ فَلَمَّا غَشِيتُهُ بِالرُّمْحِ قَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ فَظَنَنْت أَنَّهُ مُتَعَوِّذٌ فَقَتَلْتُهُ فَقَالَ: أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَك؟ قَالَ وَيَسْتَبِينُ لِي؟ قَالَ: قَدْ قَالَ لَكَ بِلِسَانِهِ فَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ الرَّجُلُ أَنْ مَاتَ فَدُفِنَ فَأَصْبَحَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَقُلْنَا: عَدُوٌّ نَبَشَهُ فَأَمَرْنَا عَبِيدَنَا وَمَوَالِيَنَا فَحَرَسُوهُ فَأَصْبَحَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَقُلْنَا فَلَعَلَّهُمْ غَفَلُوا فَحَرَسْنَا نَحْنُ فَأَصْبَحَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ: إنَّ الأَرْضَ تَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبَّ أَنْ يُخْبِرَكُمْ بِعِظَمِ الدَّمِ؟ ثُمَّ قَالَ انْتَهُوا بِهِ إلَى سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ فَانْضِدُوا عَلَيْهِ مِنْ الْحِجَارَةِ فَفَعَلْنَا. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا السُّمَيْطُ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أَبِي الْعَدُوِّ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ هَذِهِ الأَبْوَابِ فِي هَذَا الْجِنْسِ مَا يُغْنِينَا عَنْ الْكَلاَمِ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا الْبَابِ حَرْفًا وَهُوَ قَوْلُ الْخُزَاعِيُّ صَاحِبِ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي قَدْ أَصَبْت ذَنْبًا فَاسْتَغْفِرْ لِي. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِمَّنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ بِجُرْمِهِ فِي قَتْلِهِ مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ الَّذِي قَتَلَهُ فَقَتَلَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ ظَنَّهُ بِقَوْلِهِ إنِّي مُسْلِمٌ مُتَعَوِّذًا فَقَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً مِنْهُ فِي الاِعْتِذَارِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِهِ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَيْ; لأَنَّ قَتْلَهُ الْمُتَعَوِّذَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ أَيْسَرُ مِنْ قَتْلِهِ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ الْقَوْلَ لاَ لِلتَّعَوُّذِ بِهِ وَلَكِنْ لِحَقِيقَةِ دُخُولِهِ فِي الإِسْلاَمِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَافِعًا عَنْهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِيهِ فَكَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِيهِ مَا كَانَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَة وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ الْحَكَمِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الْحَكَمِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُكَيْمٍ قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ تَحْقِيقُ حُضُورِهِ لِذَلِكَ وَسَمَاعِهِ إيَّاهُ مِنْ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي غَنِيَّةَ جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْبَانِيِّ كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَحْضُرْهُ ابْنُ عُكَيْمٍ وَيَكُونُ قَوْلُهُ جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ: كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَعْنَى كَتَبَ إلَى قَوْمِنَا كَمَا قَالَ: النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ قَالَ: لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالاَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّا كُنَّا, وَإِيَّاكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نُدْعَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَنَحْنُ الْيَوْمَ بَنُو عَبْدِ اللهِ وَأَنْتُمْ بَنُو عَبْدِ اللهِ يَعْنِي لِقَوْمِ النَّزَّالِ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِسَمَاعِ النَّزَّالِ إيَّاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ بِحُضُورِهِ إيَّاهُ مِنْ قَوْلِهِ, وَإِنَّمَا هُوَ بِسَمَاعِ قَوْمِهِ إيَّاهُ مِنْهُ وَبِمَحْضَرِهِمْ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَا جَائِزٌ مِنْ كَلاَمِ الْعَرَبِ وَمَوْجُودٌ مِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُكَيْمٍ فَدَخَلَ الأَشْيَاخُ وَجَلَسْتُ بِالْبَابِ فَخَرَجُوا فَأَخْبَرُونِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ بِعَصَبٍ كَتَبَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرَيْنِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذَكَرَ فِيهِ كِتَابَهُ بِهِ ثُمَّ كَشَفْنَا عَنْ حَقِيقَةِ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالُوا أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ. فَحُقِّقَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ عُكَيْمٍ لَمْ يَكُنْ شَهِدَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ حَضَرَ قِرَاءَتَهُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ وَكَانَ هَؤُلاَءِ الأَشْيَاخُ مِنْ جُهَيْنَةَ لَمْ يُسَمُّوا لَنَا فَنَعْرِفُهُمْ وَنَعْلَمُ أَنَّهُمْ مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِثْلُ هَذَا عَنْهُمْ لِصُحْبَتِهِمْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ لأَحْوَالٍ فِيهِمْ سِوَى ذَلِكَ تُوجِبُ قَبُولَ رِوَايَاتِهِمْ, وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ لَهُمْ لَمْ تَقُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا حُجَّةٌ وَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي أَمْرِهِ إيَّاهُمْ بِدِبَاغِ جِلْدِ الشَّاةِ الَّتِي مَاتَتْ لَهُمْ, وَقَوْلُهُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ إنَّمَا حُرِّمَ لَحْمُهَا أَوْلَى مِنْهُ لِصِحَّةِ مَجِيئِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرِيقِهِ وَعَدْلِ رُوَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثُ فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ لِسَوْدَةِ ابْنَةِ زَمْعَةَ وَذَكَرَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُمْ بَعْدَ إنْزَالِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ (ح) وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ صَالِحٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ثُمَّ قَالاَ جَمِيعًا فِي حَدِيثَيْهِمَا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةِ ابْنَةِ زَمْعَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ مَاتَتْ فُلاَنَةُ تَعْنِي الشَّاةَ قَالَ: فَلَوْلاَ أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا فَقَالَتْ نَأْخُذُ مَسْكَ شَاةٍ قَدْ مَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا قَالَ: اللَّهُ، تَعَالَى، قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ الآيَةَ. فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ تَدْبُغُوهُ فَتَنْتَفِعُوا بِهِ قَالَتْ فَأَرْسَلْتُ فَسَلَخْتُ مَسْكَهَا فَدَبَغْتُهُ فَاِتَّخَذْتُ مِنْهُ قِرْبَةً حَتَّى تَخَرَّقَتْ. ثُمَّ وَجَدْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: إذَا دُبِغَ الأَدِيمُ فَقَدْ طَهُرَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ أَنَّهُ قَالَ: لاِبْنِ عَبَّاسٍ إنَّا نَغْزُو أَرْضَ الْمَغْرِبِ, وَإِنَّمَا أَسْقِيَتُنَا جُلُودُ الْمَيْتَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ أَيُّمَا مَسْكٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْخَيْرِ يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنَّا نَغْزُو هَذَا الْمَغْرِبَ وَلَهُمْ قِرَبٌ يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الدِّبَاغُ طَهُورٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ وَعْلَةَ أَعَنْ رَأْيِكَ أَوْ عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ فَقَالَ بَلْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم. وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ إبَاحَةَ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم غَيْرَ هَذِهِ الآثَارِ تُجْزِئُ عَنْ بَقِيَّتِهِ, وَاَللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|