الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
[تنبيه] ما مر إنما هو في القسم، بخلاف التعليق فإنه وإن سمي عند الفقهاء حلفا ويمينا لكنه لا يسمى قسما، فإن القسم خاص باليمين بالله تعالى كما صرح به القهستاني، أما التعليق فلا يجري اشتراط اللام والنون في المثبت منه لا عند الفقهاء ولا عند اللغويين، ومنه الحرام يلزمني وعلي الطلاق لا أفعل كذا فإنه يراد به في العرف إن فعلت كذا فهي طالق فيجب إمضاؤه عليهم كما صرح به في الفتح وغيره كما يأتي. قال ح: فاندفع بهذا ما توهمه بعض الأفاضل من أن في قول القائل علي الطلاق أجيء اليوم، إن جاء في اليوم وقع الطلاق وإلا فلا لعدم اللام والنون؛ وأنت خبير بأن النحاة إنما اشترطوا ذلك في جواب القسم المثبت لا في جواب الشرط، وإلا كان معنى قولك إن قام زيد أقم إن قام زيد لم أقم ولم يقل به عاقل فضلا عن فاضل. على أن قوله أجيء ليس جواب الشرط بل هو فعل الشرط لأن المعنى إن لم أجئ اليوم فأنت طالق. وقد وقع هذا الوهم بعينه للشيخ الرملي في الفتاوى الخيرية ولغيره أيضا. قال السيد أحمد الحموي في تذكرته الكبرى: رفع إلي سؤال صورته: رجل اغتاظ من ولد زوجته فقال علي الطلاق إني أصبح أشتكيك من النقيب فلما أصبح تركه ولم يشتكه ومكث مدة فهل والحالة هذه يقع الطلاق أم لا؟ الجواب: إذا ترك شكايته ومضى مدة بعد حلفه لا يقع عليه الطلاق لأن الفعل المذكور وقع في جواب اليمين وهو مثبت فيقدر النفي حيث لم يؤكد، والله تعالى أعلم.؛ كتبه الفقير عبد المنعم النبتيتي فرفعه إلى جماعة قائلين ماذا يكون الحال، فقد زاد به الأمر وتقدم بين العوام وتأخرت أولو الفضل أفيدوا الجواب؟ فأجبت بعد الحمد لله: ما أفتي به من عدم وقوع الطلاق معللا بأن الفعل المذكور وقع جوابا ليمين وهو مثبت فيقدر النفي حيث لم يؤكد، فمنبئ عن فرط جهله وحمقه وكثرة مجازفته في الدين وخرقه إذ ذاك في الفعل إذا وقع جوابا للقسم بالله نحو: {تالله تفتأ} أي لا تفتأ لا في جواب اليمين بمعنى التعليق بما يشتق من طلاق وعتاق ونحوهما. وحينئذ إذا أصبح الحالف ولم يشتكه وقع عليه الطلاق الثلاث وبانت زوجته منه بينونة كبرى. إذا تقرر هذا فقد ظهر لك أن هذا المفتي أخطأ خطأ صراحا لا يصدر عن ذي دين وصلاح، ولله در القائل: من الدين كشف الستر عن كل كاذب وعن كل بدعي أتى بالعجائب فلولا رجال مؤمنون لهدمت صوامع دين الله من كل جانب والله الهادي للصواب، وإليه المرجع والمآب (قوله والله لقد فعلت) بصيغة الماضي ولا بد فيها من اللام مقرونة بقد أو ربما إن كان متصرفا وإلا فغير مقرونة كما في التسهيل (قوله وفي النفي إلخ) عطف على قوله في الإثبات أي أن الحلف إذا كان الجواب فيه مضارعا منفيا لا يكون باللام والنون إلا لضرورة أو شذوذ بل يكون بحرف النفي ولو مقدرا كقوله تعالى: {تالله تفتأ} فقوله حتى لو قال إلخ تفريع صحيح أفاد به أن حرف النفي إذا لم يذكر يقدر، وأن الدال على تقديره عدم شرط كونه مثبتا وهو حرف التوكيد وأنه إذا دار الأمر بين تقدير النافي وحرف التوكيد تعين تقدير النافي لأنه كلمة لا بعض كلمة فافهم، لكن اعترض الخير الرملي بأن حرف التوكيد كلمة أيضا. والجواب أن المراد بالكلمة ما يتكلم بها بدون غيرها أو ما ليست متصلة بغيرها في الخط (قوله وكفارته) أي اليمين بمعنى الحلف أو القسم، فلا يرد أنها مؤنث سماعا نهر (قوله هذه إضافة للشرط) لما كان الأصل في إضافة الأحكام إضافة الحكم إلى سببه كحد الزنا أو الشرب أو السرقة، واليمين ليس سببا عندنا للكفارة خلافا للشافعي رحمه الله تعالى بل السبب عندنا هو الحنث كما يأتي بين أن ذلك خارج عن الأصل وأنه من الإضافة إلى الشرط مجازا، وهي جائزة وثابتة في الشرع كما في كفارة الإحرام وصدقة الفطر، وكون اليمين شرطا لا سببا مبين بأدلته في الفتح وغيره.مطلب كفارة اليمين (قوله تحرير رقبة) لم يقل عتق رقبة لأنه لو ورث من يعتق عليه فنوى عن الكفارة لم يجز نهر (قوله عشرة مساكين) أي تحقيقا أو تقديرا، حتى لو أعطى مسكينا واحدا في عشرة أيام كل يوم نصف صاع يجوز، ولو أعطاه في يوم واحد بدفعات في عشر ساعات، قيل يجزئ، وقيل لا، وهو الصحيح لأنه إنما جاز إعطاؤه في اليوم الثاني تنزيلا له منزلة مسكين آخر لتجدد الحاجة من حاشية السيد أبي السعود. وفيها: يجوز أن يكسو مسكينا واحدا في عشر ساعات من يوم عشرة أثواب أو ثوبا واحدا، بأن يؤديه إليه ثم يسترده منه إليه أو إلى غيره بهبة أو غيرها لأن لتبدل الوصف تأثيرا في تبدل العين، لكن لا يجوز عند أكثرهم قهستاني عن الكشف، وقوله لكن لا يجوز يحتمل تعلقه بالثانية فقط أو بها وبالأولى أيضا وهو الظاهر بدليل ما قدمناه. ا هـ. قلت: ومراده بالثانية قوله أو ثوبا واحدا. وفي الجوهرة: وإذا أطعمهم بلا إدام لم يجز إلا في خبز الحنطة وإذا غدى مسكينا وعشى غيره عشرة أيام لم يجزه لأنه فرق طعام العشرة على عشرين، كما إذا فرق حصة المسكين على مسكينين، ولو غدى مسكينا وأعطاه قيمة العشاء أجزأه، وكذا إذا فعله في عشرة مساكين؛ ولو عشاهم في رمضان عشرين ليلة أجزأه ا هـ. لكن في البزازية إذا غداهم في يوم وعشاهم في يوم آخر فعن الثاني فيه روايتان: في رواية شرط وجودهما في يوم واحد، وفي رواية المعلى لم يشترط. وفي كافي الحاكم: وإن أطعم عشرة مساكين كل مسكين صاعا عن يمينين لم يجزه إلا عن إحداهما عندهما. وقال محمد: يجزيه عنهما (قوله كما مر في الظهار) أي كالتحرير والإطعام المارين في الظهار من كون الرقبة غير فائتة جنس المنفعة ولا مستحقة للحرية بجهة. وفي الاطعام، إما التمليك، أو الإباحة، فيعشيهم ويغديهم؛ ولو أطعم خمسة وكسا خمسة أجزأه ذلك عن الإطعام إن كان أرخص من الكسوة. وعلى العكس لا يجوز، هذا في إطعام الإباحة؛ أما إذا ملكه فيجوز ويقام مقام الكسوة؛ ولو أعطى عشرة كل واحد ألف من من الحنطة عن كفارة اليمين لا يجوز إلا عن واحدة عند الإمام والثاني، وكذا في كفارة الظهار كذا في الخلاصة نهر. قلت: وبه علم أن حيلة الدرر لا تنفع هنا بخلافها في إسقاط الصلاة (قوله بما يصلح للأوساط) وقيل يعتبر في الثوب حال القابض، إن كان يصلح له يجوز وإلا فلا. قال السرخسي: والأول أشبه بالصواب بزازية (قوله وينتفع به فوق ثلاثة أشهر) لأنها أكثر نصف مدة الثوب الجديد كما في الخلاصة، فلا يشترط كونه جديدا والظاهر أنه لو كان جديدا رقيقا لا يبقى هذه المدة لا يجزئ (قوله ويستر عامة البدن) أي أكثره كالملاءة أو الجبة أو القميص أو القباء قهستاني، وهذا بيان لأدناه عندهما. والمروي عن محمد ما تجوز فيه الصلاة، وعليه فيجزيه دفع السراويل عنده للرجل لا للمرأة (قوله فلم يجز السراويل) هو الصحيح لأن لابسه يسمى عريانا عرفا فلا بد على هذا أن يعطيه قميصا أو جبة أو رداء أو قباء أو إزارا سابلا بحيث يتوشح به عندهما وإلا فهو كالسراويل، ولا تجزئ العمامة إلا إن أمكن أن يتخذ منها ثوب مجزئ. وأما القلنسوة فلا تجزئ بحال، ولا بد للمرأة من خمار مع الثوب لأن صلاتها لا تصح بدونه، وهذا: أي التعليل المذكور يشابه المروي عن محمد في السراويل أنه لا يكفي للمرأة. وظاهر الجواب ما يثبت به اسم المكتسي وينتفي عنه اسم العريان لا صحة الصلاة وعدمها، والمرأة إذا كانت لابسة قميصا سابلا وخمارا غطى رأسها وأذنيها دون عنقها لا شك في ثبوت اسم أنها مكتسية لا عريانة ومع هذا لا تصح صلاتها ا هـ. ملخصا من الفتح. وحاصله أنه لا بد مع الثوب من الخمار، لكن لا يشترط أن يكون الخمار مما تصح به الصلاة. وقد اقتصر في البحر على صدر عبارة الفتح فأوهم أنه لا يشترط الخمار أصلا وليس كذلك فليتنبه له. الشرنبلالية: ولم أر حكم ما يغطي رأس الرجل. ا هـ. قلت: إن كان توقفه في إجزائه فلا شك في عدمه، وإن كان في اشتراطه مع الثوب فظاهر ما مر عدمه. وفي الكافي: الكسوة ثوب لكل مسكين إزار ورداء أو قميص أو قباء أو كساء ا هـ. وقدمنا أن المراد ما يستر أكثر البدن (قوله إلا باعتبار قيمة الإطعام) ومثله لو أعطى نصف ثوب تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير أجزأه عن إطعام فقير، وكذا لو أعطى عشرة مساكين ثوبا كبيرا لا يكفي كل واحد حصته منه للكسوة وتبلغ حصة كل منهم قيمة ما ذكرنا أجزأه عن الكفارة بالإطعام. ثم ظاهر المذهب أنه لا يشترط للإجزاء عن الإطعام أن ينوي به عن الإطعام. وعن أبي يوسف يشترط فتح. (قوله ولم ينو إلا بعد تمامها) شرط في قوله مرتبا فقط. وفيه أن النية بعد تمامها إنما تلائم الإطعام والكسوة لصحة النية بعد الدفع ما داما في يد الفقير كما في الزكاة وأما الإعتاق فلا، إلا أن تصور المسألة فيما إذا تقدمت الكسوة والإطعام وعند الإعتاق نوى الثلاثة عن الكفارة. ا هـ. ح والمراد بالإطعام التمليك لا الإباحة لأنهم لو أكلوا عنده ثم نوى لم يصح فيما يظهر تأمل. ثم إن مراد الشارح بيان إمكان تصوير المسألة وهو وقوع الأعلى قيمة عن الكفارة لأنه إذا كان لا بد من النية فإذا فعل الثلاثة، فما نواه أولا وقع عنها وإن كان هو الأدنى، فبين إمكان ذلك بما إذا فعل الكل جملة أو مرتبا لكنه أخر النية (قوله للزوم النية) علة لما استفيد من المقام أنه لا بد في التكفير من النية، وقد نص عليه الكمال وغيره ط (قوله وإن عجز إلخ) قال في البحر: أشار إلى أنه لو كان عنده واحد من الأصناف الثلاثة لا يجوز له الصوم وإن كان محتاجا إليه. ففي الخانية: لا يجوز الصوم لمن يملك ما هو منصوص عليه في الكفارة أو يملك بدله فوق الكفاف، والكفاف منزل يسكنه وثوب يلبسه ويستر عورته وقوت يومه، ولو له عبد يحتاجه للخدمة لا يجوز له الصوم؛ ولو له مال وعليه دين مثله، فإن قضى: دينه به كفر بالصوم، وإن صام قبل قضائه قيل يجوز وقيل لا؛ ولو له مال غائب أو دين مؤجل صام إلا إذا كان المال الغائب عبدا لقدرته على إعتاقه ا هـ. ملخصا. وفي الجوهرة: والمرأة المعسرة لزوجها منعها من الصوم لأن كل صوم وجب عليها بإيجابها له منعها منه وكذا العبد إلا إذا ظاهر من امرأته فلا يمنعه المولى لتعلق حق المرأة به لأنه لا يصل إليها إلا بالكفارة (قوله وقت الأداء) أي لا وقت الحنث، فلو حنث موسرا ثم أعسر جاز له الصوم، وفي عكسه لا. وعند الشافعي على العكس زيلعي (قوله قلت إلخ) قائله صاحب البحر. ووجهه أنه لو كان فسخا: أي كأنه لم يقع لكان المال موجودا في يده فلا يجزيه الصوم ط. (قوله ولاء) بكسر الواو والمد: أي متتابعة لقراءة ابن مسعود وأبي - فصيام ثلاثة أيام متتابعات - فجاز التقييد بها لأنها مشهورة فصارت كخبره المشهور، وتمامه في الزيلعي (قوله بخلاف كفارة الفطر) أي كفارة الإفطار في رمضان، فإن مدتها لا تخلو غالبا عن الحيض (قوله التفريق) أي صوم الثلاثة متفرقة (قوله فلو صام المعسر) مثله العبد إذا أعتق وأصاب مالا قبل فراغ الصوم كما في الفتح (قوله ثم قبل فراغه) أي من صوم اليوم الثالث بقرينة ثم فافهم، والأفضل إكمال صومه، فإن أفطر لا قضاء عليه عندنا كما في الجوهرة (قوله لم يجز على الصحيح) وقياسه أنه لو صام لعجزه فظهر أن مورثه مات قبل صومه أن لا يجزيه نهر (قوله ولم يجز التكفير إلخ) لأن الحنث هو السبب كما مر، فلا يجوز إلا بعد وجوده. وفي القهستاني: واعلم أنه لو أخر كفارة اليمين أثم ولم تسقط بالموت والقتل. وفي سقوط كفارة الظهار خلاف كما في الخزانة (قوله ولا يسترده) أي لو كفر بالمال قبل الحنث وقلنا لا يجزيه ليس له أن يسترده من الفقير لأنه تمليك لله تعالى قصد به القربة مع شيء آخر، وقد حصل التقرب وترتب الثواب فليس له أن ينقضه ويبطله فتح (قوله فما لا فلا) أي ما لا يجوز دفع الزكاة إليه لا يجوز دفع الكفارة إليه (قوله إلا الذمي) فإنه لا يجوز دفع الزكاة إليه ويجوز دفع غيرها (قوله خلافا للثاني) فعنده لا استثناء (قوله في بابها) أي الزكاة. (قوله فيعني الصوري) أي المراد بهذه الآية اليمين صورة كتحليف القاضي لهم إذ المقصود منها رجاء النكول، والكافر وإن لم يثبت في حقه شرعا اليمين المستعقب لحكمه لكنه في نفسه يعتقد تعظيم اسم الله تعالى وحرمة اليمين به كاذبا فيمتنع عنه فيحصل المقصود فشرع إلزامه بصورتها لهذه الفائدة، وتمامه في الفتح (قوله يبطلها) مقتضاه أنه لا يأثم بالحنث بعد الإسلام (قوله لما تقرر إلخ) علة لكون الكفر العارض مبطلا لليمين كالكفر الأصلي كحرمة المصاهرة العارضة؛ كما إذا زنى بأم امرأته فإنها تمنع بقاء الصحة كالحرمة الأصلية لأن الكفر والمحرمية من الأوصاف الراجعة للمحل وهو الكافر والمحرم، فيستوي فيها الابتداء والبقاء: أي الطرو والعروض، ولم أر هذا التعليل لغيره تأمل. (قوله أما المطلقة فحنثه في آخر حياته) هذا إذا كان المحلوف عليه إثباتا، أما إن كان نفيا فيتأتى الحنث في الحال بأن يكلم أبويه، وبهذا عرفت أن اليوم قيد في الثاني فقط ح (قوله في آخر حياته) الأولى أن يقول في آخر الحياة ليشمل حياة الحالف وحياة المحلوف عليه (قوله ويكفر) عطف على يوصي (قوله لأنه أهون الأمرين) لأنه فيه تفويت البر إلى جابر وهو الكفارة ولا جابر للمعصية لو بر كما في البحر (قوله وحاصله) أي حاصل ما قيل في هذا العام لا حاصل المتن فإنه قاصر على الحلف بمعصية فعلا وتركا ط (قوله كحلفه ليصلين الظهر اليوم) هذا مثال للفعل، ومثال الترك والله لا أشرب الخمر اليوم ح (قوله أو هو أولى من غيره) مثال الفعل منه والله لأصلين الضحى اليوم، ومثال الترك والله لا آكل البصل، وحكم هذا القسم بقسميه أن بره أولى أو واجب ح أي على ما بحثه الكمال في القسم الخامس (قوله كحلفه على ترك إلخ) هذا مثال الترك، ومثال الفعل والله لآكلن البصل اليوم ح (قوله ونحوه) أي نحو الشهر مما لم يبلغ مدة الإيلاء وإلا كان من قسم المعصية (قوله أو مستويان) أي الفعل والترك بأن لم يترجح أحدهما قبل الحلف بوجوب ولا أولوية (قوله تفيد وجوبه) هو بحث وجيه، ويجري أيضا في القسم الثالث، ولا يبعد أن يكون الوجوب هو المراد من قولهم أولى وعبر في المجتمع بقوله ترجح البر. مطلب استعملوا لفظ ينبغي بمعنى يجب ويقر به قول الهداية والكنز وغيرهما ومن حلف على معصية ينبغي أن يحنث فإن الحنث واجب كما علمت، فأرادوا بلفظ ينبغي الوجوب مع أن الغالب استعماله في غيره فكذا هذا، كما تقول الأولى بالمسلم أن يصلي (قوله فهي عشرة) من ضرب اثنين وهي صورتا الفعل والترك في خمسة: المعصية، والواجب، وما هو أولى من غيره، وما غيره أولى منه، وما استوى فيه الأمران ط. مطلب في تحريم الحلال (قوله أي على نفسه) تبع في هذا التعبير صاحب البحر، حيث قال: وقيد بكونه حرمه على نفسه لأنه لو جعل حرمته معلقة على فعله فإنه لا تلزمه الكفارة لما في الخلاصة: لو قال إن أكلت هذا الطعام فهو علي حرام فأكله لا حنث عليه ا هـ. كلام البحر. وأنت خبير بأنه في التعليق أيضا حرم على نفسه، وغاية الأمر أنه تحريم معلق فلا تحسن المقابلة، والأولى أن يقول قيد بتنجيز الحرمة لأنه لو علقها إلخ. ا هـ. ح. قلت: وفيه أنه لو قال كذلك لورد عليه مثل إن كلمت زيدا فهذا الطعام علي حرام مع أنه علقها على فعل نفسه، بل الأولى أن يقول قيد بتنجيز الحرمة لأنه لو علقها على فعل المحلوف عليه، ويمكن أن يكون هذا مراد البحر في قوله على فعله: أي فعل المحلوف عليه فافهم (قوله واستشكله المصنف) أي حيث قال قلت وهو مشكل بما تقرر أن المعلق بالشرط كالمنجز عند وقوع الشرط. ا هـ. والجواب بالفرق هنا بين المنجز والمعلق، وهو أن في المنجز حرم على نفسه طعاما موجودا، أما في المعلق فإنه ما حرمه إلا بعد الأكل، لما علم أن الجزاء ينزل عقب الشرط، وحينئذ لم يكن الطعام موجودا ا هـ. ح. قلت: لكن ذكر في الفتح مسألة الخلاصة المذكورة. ثم قال عقبها: وذكر في المنتقى: لو قال كل طعام آكله في منزلك فهو علي حرام، ففي القياس لا يحنث إذا أكله، هكذا روى ابن سماعة عن أبي يوسف. وفي الاستحسان يحنث؛ والناس يريدون بهذا أن أكله حرام ا هـ. وعلى هذا يجب في التي قبلها أن يحنث إذا أكله، وكذا ما ذكر في الحيل إن أكلت طعاما عندك أبدا فهو علي حرام فأكله لم يحنث ينبغي أن يكون جواب القياس ا هـ. وتبعه في النهر (قوله فيمين) لأن حرمته لا تمنع كونه حالفا نهر (قوله ما لم يرد الإخبار) المناسب أن يقول إن أراد الإنشاء، فيخرج ما إذا أراد الإخبار أو لم يرد شيئا، لأن عبارة الخانية هكذا: إذا قال هذه الخمر علي حرام فيه قولان. والفتوى على أنه ينوي في ذلك إن أراد به الخبر لا تلزمه الكفارة، وإن أراد به اليمين تلزمه الكفارة وعند عدم النية لا تلزمه الكفارة. ا هـ. وفي الفتح: وإن أراد الإخبار أو لم يرد شيئا لا تجب الكفارة لأنه أمكن تصحيحه إخبارا (قوله بأكل أو نفقة) أي أو نحوهما من لبس ثوب أو سكنى دار، كل شيء بما يناسبه ويقصد منه. قال في الفتح: واعلم أن الظاهر من تحريم هذه الأعيان انصراف اليمين إلى الفعل المقصود منها كما في تحريم الشرع لها في نحو: {حرمت عليكم أمهاتكم} وحرمت الخمر والخنزير فإنه ينصرف إلى النكاح والشرب والأكل. ولذا قال في الخلاصة: لو قال هذا الثوب علي حرام فلبسه حنث إلا أن ينوي غيره (قوله ولو تصدق إلخ) قال في الفتح ولو قال لدراهم في يده هذه الدراهم علي حرام، إن اشترى بها حنث، وإن تصدق بها أو وهبها لم يحنث بحكم العرف ا هـ. أي أن العرف جار على أن المراد تحريم الاستمتاع بها لنفسه، بأن يشتري بها ما يأكله أو يلبسه لا بأن يتصدق بها. والظاهر أنه لو قضى بها دينه لا يحنث تأمل. وفي البحر: ولا خصوصية للدراهم، بل لو وهب ما جعله حراما أو تصدق به لم يحنث لأن المراد بالتحريم حرمة الاستمتاع (قوله ليمينه) أي لأجل يمينه التي حنث بها، فهو علة لقوله كفر، وقوله لما تقرر إلخ علة لكون ذلك يمينا فهو علة للعلة. ولا يرد عليه أن تحريم الحلال قد لا يكون يمينا بأن قصد الإخبار لأنه إذا قصد الإخبار لم يوجد التحريم لأن التحريم إنشاء والإخبار حكاية فافهم، ودليل كون التحريم يمينا مبسوط في الفتح وغيره (قوله حنث البعض) قال في الهداية: ثم إذا فعل مما حرمه قليلا أو كثيرا حنث ووجبت الكفارة لأن التحريم إذا ثبت تناول كل جزء منه. ا هـ. (قوله لم يحنث إلا بالكل) أي بكلام كل القوم المخاطبين وأكل كل الرغيف، فلا يحنث بكلام بعضهم ولا أكل لقمة. قال في النهر: وجزم في الخلاصة والمحيط في: أكل الرغيف علي حرام بأنه يحنث بلقمة، ولعل وجه الفرق أن تحريمه الرغيف على نفسه تحريم أجزائه أيضا، وفي لا آكله إنما منع نفسه من أكل الرغيف كله فلا يحنث بالبعض، وبهذا يضعف ما في الخانية، قال مشايخنا الصحيح أنه لو قال أكل هذا الرغيف علي حرام لا يحنث بأكل لقمة منه لأن هذا بمنزلة قوله والله لا آكل هذا الرغيف؛ ولو قال هكذا لا يحنث بأكل البعض. ا هـ. قلت: ويشير إلى هذا الفرق ما نقلناه عن الهداية. وتوضيحه أن الرغيف اسم لكله وبأكل بعضه لا يسمى آكلا له لكن إذا حرمه على نفسه فقد جعله بمنزلة محرم العين حيث نسب التحريم إلى ذات الرغيف وجعله بمنزلة الخمر والميتة وما كان محرما لا يحل تناول قليله ولا كثيره، وحيث جعلنا هذا التحريم يمينا صار حالفا على عدم تناول شيء منه لأن ذلك مدلول الأصل وهو التحريم، بخلاف قوله والله لا آكله فإنه ليس فيه منع نفسه عن كل جزء منه بل عن جميعه، لكن أيد في البحر كلام الخانية بأن حرمة العين يراد منها تحريم الفعل، فإذا قال هذا الطعام علي حرام فالمراد أكله وفي هذا الثوب المراد لبسه. قلت: وفيه أن إسناد الحرمة إلى العين حقيقة عندنا كما تقرر في كتب الأصول على معنى إخراج العين عن محلية الفعل لينتف الفعل بالأولى، فالمقصود نفي الفعل وتوصيفه بالحرمة بطريق الكناية والانتقال عن نفي العين، فلا بد من ظهور الفرق بين إسناد الحرمة إلى الفعل ابتداء وإسنادها إلى العين وقد ظهر فيما ذكروه هنا، لكن هذا يظهر في قوله هذا الرغيف علي حرام. أما لو قال أكل هذا الرغيف علي حرام لا يحنث بالبعض لإسناده الحرمة إلى الفعل فصار كقوله والله لا آكله ومثله كلامكم علي حرام، لأن الحرمة لم تضف إلى العين بل الفعل وهو الكلام بمعنى التكليم، ولم أر من فرق بين ذلك مع أن الذي في الخانية هذا الرغيف بدون لفظة أكل على خلاف ما نقله في النهر مع أنه لا يظهر الفرق المار إلا بدون لفظة أكل، نعم وقع التعبير بها في غير الخانية. والحاصل أن المسألة مشكلة فلتحرر (قوله إلا إذا لم يمكن إلخ) أي فيحنث بأكل بعضه وهو الأصح المختار لمشايخنا. مطلب حلف لا يأكل معينا فأكل بعضه والأصل فيما إذا حلف لا يأكل معينا فأكل بعضه إن كان يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على جميعه، ولا يحنث بأكل بعضه لأن المقصود الامتناع عن أكله، وكل ما لا يطاق أكله في المجلس ولا شربه في شربة يحنث بأكل بعضه لأن المقصود من اليمين الامتناع عن أصله لا عن جميعه، ولو قال لا أشرب لبن هاتين الشاتين لم يحنث حتى يشرب من لبن كل شاة، ولم يعتبر شرب الكل لأنه غير مقصود، أو لا يأكل سمن هذه الخابية فأكل بعضه حنث؛ ولو كان مكان الأكل بيع فباع بعضها لا يحنث لأن الأكل لا يتأتى على جميعه في مجلس ويتأتى البيع كذا في المحيط. زاد في البدائع عن الأصل: لو قال لا آكل هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين حنث في الاستحسان، لأن ذلك القدر لا يعتد به لأنه في العرف يقال إنه أكلها، وإن ترك نصفها أو ثلثها أو أكثر مما لا يجري في العرف أنه يسقط من الرمانة لم يحنث لأنه لا يسمى أكلا لجميعها. ا هـ. وبه يعلم أن اليسير من الرغيف وغيره كاللقمة كالعدم ا هـ. ملخصا من البحر في باب اليمين بالأكل والشرب وسيأتي هذا الأصل هناك (قوله أو حلف إلخ) معطوف على المستثنى وهو قوله إذا لم يمكن أكله. قال في النهر: وفي مجموع النوازل: وكذا كلام فلان وفلان علي حرام يحنث بكلام أحدهما، وكذا كلام أهل بغداد. وفي المحيط في: كلام فلان وفلان علي حرام أو والله لا أكلم فلانا وفلانا الصحيح أنه لا يحنث في المسألتين ما لم يكلمهما إلا أن ينوي كلام واحد منهما فيحنث بكلام أحدهما لأنه شدد على نفسه. ا هـ. قلت: وهذا إذا لم يذكر لا بعد العاطف. مطلب لا أذوق طعاما ولا شرابا حنث بأحدهما، بخلاف لا أذوق طعاما وشرابا ففي البزازية: حلف بالطلاق لا يذوق طعاما ولا شرابا فذاق أحدهما طلقت، كما لو حلف لا يكلم فلانا ولا فلانا. ولو قال لا أذوق طعاما وشرابا فذاق أحدهما لا يحنث. ا هـ. وإذا كرر لا فإنه يصير يمينين كما سنذكر في بحث الكلام عن الواقعات (قوله ونوى أحدهما) أي نوى أن لا يكلم كل واحد منهما. [تنبيه] في الحاوي الزاهدي عن الجامع: إن لم أكن ضربت هذين السوطين في دار فلان فعبدي حر فضرب أحدهما في دار غيره، أو قال إن لم أكلم فلانا وفلانا اليوم فأنت طالق فكلم أحدهما اليوم فقط يحنث. قال: وألحق بعضهم بذلك: إن لم تحضري فراشي ولم تراعيني فأنت طالق فلم تحضر فراشه ولكن راعته فإنه يحنث. قال: وفيه إشكال، وبينهما فرق جلي لأن الحنث في اليمين إنما يتحقق إذا صدق ما دخل عليه حرف الشرط، ففي إن دخلت الدار إنما يحنث إذا صدق دخلت، وفي إن لم أدخل إنما يحنث إذا صدق لم أدخل، فإذا قال إن لم أدخل هاتين الدارين اليوم أو إن لم أكن ضربت هذين السوطين في دار فلان فحرف الشرط دخل على النفي وهو لم أكن دخلت أو ضربت هاتين وهو نفي لمجموع دخول الدارين وضرب السوطين ونفي المجموع يتحقق بنفي أحد أجزائه، بخلاف قوله إن لم تحضري فراشي ولم تراعيني فإنه لما كرر حرف النفي كان نفيا لكل واحد منها، ونفي كل واحد منهما لا يصدق مع ثبوت أحدهما فإنه لا يصدق قولنا لم يقدم زيد ولم يقدم عمرو مع قدوم أحدهما، ويصدق إن لم يقدم زيد وعمرو مع أحدهما، لكن ذكر في المحيط ما يدل على صحة هذا الجواب، فإنه قال إذا قال إن لم تكلمي فلانا ولم تكلمي فلانا اليوم فأنت طالق فكلمت أحدهما ومضى اليوم طلقت، فقد صح هذا الجواب من حيث الرواية، لكن ما قلته من الإشكال قوي. ا هـ. قلت: والجواب أنه إذا كرر حرف النفي يكون نفي كل واحد بانفراده مقصودا؛ ففي: إن لم تحضري فراشي ولم تراعيني يتحقق شرط الحنث بنفي كل واحد بانفراده لأنه يصير كأنه حلف على كل واحد بعينه، لأنه إذا كرر النفي تتكرر اليمين، حتى لو قال لا أكلمك اليوم ولا غدا ولا بعد غد فهي أيمان ثلاثة، وإن لم يكرر النفي فهي يمين واحدة، حتى لو كلمه ليلا يحنث بمنزلة قوله ثلاثة أيام كما سيأتي عن الواقعات في بحث الكلام. وأما عدم الصدق في لم يقدم زيد ولم يقدم عمرو مع قدوم زيد مثلا فلأنه إخبار عن قدوم كل منهما بانفراده حيث جعله مقصودا بالنفي، فإذا علق ذلك بالشرط يتحقق شرط الحنث وهو أنه لم يقدم زيد، هذا ما ظهر لي فتدبر.ه (قوله وله أخ واحد) أي وهو عالم به كما قيد بذلك قبيل باب اليمين بالطلاق والعتاق، فحينئذ يحنث إذا كلمه لأنه ذكر الجمع وأراد الواحد، وإن كان لا يعلم أن الأخ واحد لا يحنث لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع، كمن حلف لا يأكل ثلاثة أرغفة من هذا الحب وليس فيه إلا رغيف واحد وهو لا يعلم لا يحنث بحر عن الواقعات (قوله قلت إلخ) البحث لصاحب البحر في الباب الآتي، وقوله وبه علم: أي بما ذكره من مسألة الإخوة فإنه جمع ليس فيه الألف واللام بل هو مضاف مثل أولاد زوجته، فحيث كان عالما بتعددهم لا يحنث إلا بالجمع كما في لا أكلم رجالا أو نساء، بخلاف ما فيه الألف واللام مثل لا أكلم الفقراء أو المساكين أو الرجال فإنه يحنث بالواحد لأنه اسم جنس كما في الواقعات. مطلب الجمع المضاف كالمنكر بخلاف المعرف بأل وما مر عن الواقعات في إخوة فلان صريح في أن الجمع المضاف كالمنكر، وسيأتي في آخر باب اليمين بالأكل والشرب والكلام تمام تحقيق المعرف والمنكر والمضاف. وتحرير جواب هذه الحادثة. قال في البحر: لكن قال في القنية إن أحسنت إلى أقربائك فأنت طالق فأحسنت إلى واحد منهم يحنث ولا يراد الجمع في عرفنا ا هـ. فيحتاج إلى الفرق إلا أن يدعي أن في العرف فرقا. ا هـ. قلت: لا يخفى أن العرف الآن عدم التفرقة بين إخوة فلان وأقربائك وأولاد زوجته ونحوه من الجمع المضاف في أنه يراد به الجنس الصادق بالواحد والأكثر، فينبغي الحنث في الحادثة المذكورة. مطلب كل حل عليه حرام (قوله كل حل إلخ) قال في الهداية: ولو قال كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب إلا أن ينوي غير ذلك. والقياس أن يحنث كما فرغ لأنه باشر فعلا مباحا وهو التنفس ونحوه، وهذا قول زفر. وجه الاستحسان أن المقصود وهو البر لا يحصل مع اعتبار العموم فينصرف إلى الطعام والشراب للعرف فإنه يستعمل فيما يتناول عادة، ولا يتناول المرأة إلا بالنية لإسقاط اعتبار العموم، وإذا نواها كان إيلاء، ولا يصرف اليمين عن المأكول والمشروب، وهذا كله جواب ظاهر الرواية. ومشايخنا قالوا يقع به الطلاق من غير نية لغلبة الاستعمال وعليه الفتوى. ا هـ. قلت: ومقتضى قوله فإنه يستعمل فيما يتناول عادة أن العرف كان أولا في استعماله في الطعام أو الشرب ثم تغير ذلك إلى عرف آخر وغلب استعماله في الطلاق. ثم إن ما ذكروه هنا لا ينافي ما ذكروه في الإيلاء من التفصيل بين نية تحريم المرأة أو الظهار أو الكذب أو الطلاق لأن ذاك في أنت علي حرام وما هنا في التحريم باللفظ العام. والفتوى على قول المتأخرين بانصرافه إلى الطلاق البائن عاما أو خاصا كما ذكرناه هناك (قوله زاد الكمال إلخ) لا محل لذكر هذا هنا لأن مراد الكمال أن هذا يراد به الطلاق فقط بحسب العرف كما يأتي (قوله ولكن الفتوى في زماننا) أي الزمان المتأخر عن زمان المتقدمين. وتوقف البزدوي في مبسوطه في كون عرف الناس إرادة الطلاق به فالاحتياط أن لا يخالف المتقدمين. مطلب: تعارفوا: الحرام يلزمني والطلاق يلزمني قال في الفتح: واعلم أن مثل هذا اللفظ لم يتعارف في ديارنا بل المتعارف فيه حرام علي كلامك ونحوه كأكل كذا ولبسه دون الصيغة العامة. وتعارفوا أيضا الحرام يلزمني. ولا شك في أنهم يريدون الطلاق مطلقا، فإنهم يذكرون بعده لا أفعل كذا ولأفعلن، وهو مثل تعارفهم: الطلاق يلزمني لا أفعل كذا فإنه يراد به إن فعلت كذا فهي طالق ويجب إمضاؤه عليهم. والحاصل أن المعتبر انصراف هذه الألفاظ عربية أو فارسية إلى معنى بلا نية التعارف فيه، فإن لم يتعارف سئل عن نيته وفيما ينصرف بلا نية لو قال أردت غيره لا يصدقه القاضي، وفيما بينه وبين الله تعالى هو المصدق ا هـ. وأقره في البحر والنهر والمقدسي والشرنبلالي وغيرهم وتقدم تمام الكلام على ذلك في الطلاق (قوله ولو له أكثر بن جميعا) في هذه المسألة كلام طويل قدمناه في باب طلاق غير المدخول بها، وفي باب الإيلاء: والذي حررناه هناك أنه لا خلاف في أن أنت علي حرام يخص المخاطبة، وفي كل حل علي حرام يعم الزوجات الأربع لصريح أداة العموم الاستغراقي، وفي امرأتي حرام أو طالق يقع على واحدة منهن، وإنما الخلاف في نحو حلال الله أو حلال المسلمين، فقيل يقع على واحدة غير معينة نظرا إلى صورة أفراده والأشبه أنه يعم الكل فافهم (قوله وإن لم تكن له امرأة إلخ) قال في الظهيرية: وإن قال لم أنو الطلاق لا يصدق قضاء لأنه صار طلاقا عرفا. ثم قال: وإن حلف به، إن كان فعل كذا وقد كان فعل وله امرأة واحدة أو أكثر بن جميعا، وإن لم تكن له امرأة لا يلزمه شيء لأنه جعل يمينا بالطلاق، ولو جعلناه يمينا بالله تعالى فهو غموس، وإن حلف بهذا على أمر في المستقبل ففعل ذلك وليس له امرأة كان عليه الكفارة لأن تحريم الحلال يمين. ا هـ. وحاصله أنه إذا لم تكن له امرأة وحلف على ماض كذبا لا يلزمه شيء لأنه جعل طلاقا على المفتى به فيلغو لعدم الزوجة؛ ولو جعل يمينا بالله تعالى فغموس لأنه كناية عن الحلف بالله تعالى كما مر في هو يهودي أنه كناية، وإن لم يعقل وجهها فعلى الوجهين لا يلزمه شيء سوى الاستغفار، وقيل إن قوله ولو جعل يمينا بالله تعالى أي بناء على ظاهر الرواية من حمله على الطعام والشراب، وفيه نظر لأنه إذا قال إن كنت فعلت كذا فكل حل علي حرام يصير بمعنى إن كنت فعلته فو الله لا آكل ولا أشرب، فإذا كان قد فعل انعقدت يمينه على عدم الأكل والشرب فيكفر بأكله أو شربه فلا تكون لغوا فافهم. وعلى هذا فما في النهاية عن النوازل من أنه إن لم تكن له امرأة تجب عليه الكفارة محمول على أنه جعل يمينا بالله تعالى مع كون الحلف على مستقبل وإلا كان غموسا فلا تلزمه الكفارة. وأما قوله في البحر معناه إذا أكل أو شرب لانصرافه عند عدم الزوجة إلى الطعام والشراب لا كما يفهم من ظاهر العبارة ا هـ. ففيه نظر، بل هو محمول على ما يفهم من ظاهر العبارة وهو وجوب الكفارة وإن لم يأكل ولم يشرب بناء على ما قلنا وإلا ورد عليه ما ذكراه من النظر السابق، ويؤيده أن انصرافه إلى الطعام والشراب كان في العرف السابق ثم تغير ذلك العرف وصار مصروفا إلى الطلاق كما مر، فبعد ما صار حقيقة عرفية في الطلاق لا يصح حمله على العرف المهجور بل يبقى مرادا به الطلاق غير أنه إذا لم تكن له امرأة يبقى مرادا به الطلاق فيلغو ويجعل يمينا بالله تعالى، فتجب به الكفارة إن لم يكن غموسا؛ فالترديد في كلام الظهيرية مبني على قولين بدليل ما في البزازية حيث قال: وفي المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا تلزمه ا هـ. فما قاله النسفي مبني على أنه يبقى مرادا به الطلاق. وظاهر كلامهم ترجيح خلافه، فاغتنم تحقيق هذا المقام فإنه من منح الملك السلام. (قوله سواء نكح بعده أو لا) هو ما عليه الفتوى كما يأتي (قوله فيكفر بأكله أو شربه) مبني على ما فسر به في البحر عبارة النوازل، وقد علمت ما فيه، والصواب أن يقول فيكفر بحنثه أي بفعله المحلوف عليه، كأن قال إن دخلت الدار فكل حل علي حرام ثم دخلها يلزمه كفارة اليمين لأنها يمين منعقدة على عدم الدخول في المستقبل لا على عدم الأكل والشرب؛ حتى لو أكل أو شرب قبل الدخول أو بعده لا يلزمه شيء (قوله ولو بالله على ماض) لفظ بالله سبق قلم: أي ولو كانت يمينه على ماض، كما إذا قال إن كنت فعلت كذا فكل حل علي حرام وكان عالما بأنه فعله فهي غموس إن جعلت يمينا بالله تعالى فلا تلزمه كفارة، وقوله أو لغو: أي إن جعلت يمينا بالطلاق كما قاله النسفي. وظاهر ما مر عن الظهيرية من قوله لأنه جعل يمينا بالطلاق اعتماد الأول، وهو ظاهر ما قدمناه أيضا عن البزازية، وكذا ما يأتي قريبا. وبما قررناه علم أن ما ذكره الشارح من قوله فغموس أو لغو هو حاصل ما قدمناه عن الظهيرية، فليس في كلامه خلل سوى زيادة لفظ بالله فافهم (قوله ولو له امرأة وقتها إلخ) مقابل قول المصنف وإن لم تكن له امرأة. قال في الظهيرية: وإن حلف بهذا على أمر في المستقبل ففعل ذلك وليس له امرأة كان عليه الكفارة لأن تحريم الحلال يمين، وإن كان له امرأة وقت اليمين فماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط لا تلزمه الكفارة لأن يمينه انصرف إلى الطلاق وقت وجودها، وإن لم تكن له امرأة وقت اليمين ثم تزوج امرأة ثم باشر الشرط اختلفوا فيه. قال الفقيه أبو جعفر: تبين المتزوجة. وقال غيره: لا تبين، وبه أخذ الفقيه أبو الليث وعليه الفتوى لأن يمينه جعل يمينا بالله تعالى. وقت وجودها فلا يكون طلاقا بعد ذلك ا هـ. ومثله في الخانية. وفي عبارة البزازية: في هذه المسألة خلل نبهنا عليه في باب الإيلاء (قوله فأكل) صوابه فباشر الشرط كما في عبارة الظهيرية وغيرها وذلك كدخول الدار مثلا، ولا نظر فيه للأكل وعدمه كما علمت (قوله وقد مر في الإيلاء) ما مر هناك فيه خلل تابع فيه البزازية كما أوضحناه هناك. مطلب في أحكام النذر (قوله ومن نذر نذرا مطلقا) أي غير معلق بشرط مثل لله علي صوم سنة فتح، وأفاد أنه يلزمه ولو لم يقصده كما لو أراد أن يقول كلاما فجرى على لسانه النذر لأن هزل النذر كالجد كالطلاق كما في صيام الفتح، وكما لو أراد أن يقول لله علي صوم يوم فجرى على لسانه صوم شهر كما في صيام البحر عن الولوالجية. واعلم أن النذر قربة مشروعة، أما كونه قربة فلما يلازمه من القرب كالصلاة والصوم والحج والعتق ونحوها وأما شرعيته فللأوامر الواردة بإيفائه، وتمامه في الاختيار. قلت: وإنما ذكروا النذر في الأيمان لما يأتي من أنه لو قال علي نذر ولا نية له لزمه كفارة ومر في آخر كتاب الصيام أنه لو نذر صوما، فإن لم ينو شيئا أو نوى النذر فقط أو نوى النذر وأن لا يكون يمينا كان نذرا فقط وإن نوى اليمين، وأن لا يكون نذرا كان يمينا وعليه كفارة إن أفطر، وإن نواهما أو نوى اليمين كان نذرا ويمينا " حتى لو أفطر قضى وكفر ومر هناك الكلام فيه (قوله كما سيصرح به) أي المصنف قريبا، ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى ط (قوله وهو عبادة مقصودة) الضمير راجع للنذر، بمعنى المنذور لا للواجب، خلافا لما في البحر. قال في الفتح: مما هو طاعة مقصودة لنفسها، ومن جنسها واجب إلخ. وفي البدائع: ومن شروطه أن يكون قربة مقصودة فلا يصح النذر بعيادة المريض، وتشييع الجنازة، والوضوء، والاغتسال، ودخول المسجد، ومس المصحف، والأذان، وبناء الرباطات والمساجد وغير ذلك، وإن كانت قربا إلا أنها غير مقصودة ا هـ. فهذا صريح في أن الشرط كون المنذور نفسه عبادة مقصودة لا ما كان من جنسه، ولذا صححوا النذر بالوقف لأن من جنسه واجبا وهو بناء مسجد للمسلمين كما يأتي مع أنك علمت أن بناء المساجد غير مقصود لذاته (قوله خرج الوضوء) لأنه عبادة ليست مقصودة لذاتها وإنما هو شرط لعبادة مقصودة وهي الصلاة ط عن المنح. (قوله وتكفين الميت) لأنه ليس عبادة مقصودة، بل هو لأجل صحة الصلاة عليه لأن ستره شرط صحتها ط (قوله ووجد الشرط) معطوف على قوله وكان من جنسه عبادة وهذا إن كان معلقا بشرط وإلا لزم في الحال والمراد الشرط الذي يريد كونه كما يأتي تصحيحه (قوله لزم الناذر) أي لزمه الوفاء به والمراد أنه يلزمه الوفاء بأصل القربة التي التزمها لا بكل وصف التزمه لأنه لو عين درهما أو فقيرا أو مكانا للتصدق أو للصلاة فالتعيين ليس بلازم بحر، وتحقيقه في الفتح (قوله لحديث إلخ) قال في الفتح: هو حديث غريب إلا أنه مستغنى عنه، ففي لزوم المنذور الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {وليوفوا نذورهم} وصرح المصنف أي صاحب الهداية في كتاب الصوم بأنه واجب للآية، وتقدم الاعتراض بأنها توجب الافتراض للقطعية والجواب بأنها مؤولة إذ خص منها النذر بالمعصية وما ليس من جنسه واجب فلم تكن قطعية الدلالة، ومن قال من المتأخرين بافتراضه استدل بالإجماع على وجوب الإيفاء به ا هـ. ملخصا. وفي الشرنبلالية عن البرهان أنه: أي الافتراض هو الأظهر (قوله لوجوب العتق) ترك ذكر الواجب من الصلاة والصوم والصدقة لظهوره ط (قوله والمشي للحج) المراد الحج ماشيا وإلا فالمشي ليس عبادة مقصودة. ا هـ. ح. وفيه أن المشروط كونه عبادة مقصودة هو المنذور لا ما كان من جنسه كما قدمناه، وسيأتي في باب اليمين في البيع أنه لو قال علي المشي إلى بيت الله أو الكعبة يلزمه حج أو عمرة وسنذكر أن هذا استحسان. والقياس أنه لا يجب به شيء لأنه ليس بقربة تأمل (قوله والقعدة الأخيرة إلخ) كذا ذكره في اعتكاف البحر. وأورد عليه أن التشبيه إن كان في خصوص القعدة فهو غير لازم في الاعتكاف لجواز الوقوف في مدته وإن كان في مطلق الكينونة فلم خص التشبيه بالقعدة مع أن الركوع كذلك؟ والجواب: اختيار الأول، والغالب في الاعتكاف القعود وذكر في اعتكاف المعراج. قلنا بل من جنسه واجب لله تعالى وهو اللبث بعرفة وهو الوقوف، والنذر بالشيء إنما يصح إذا كان من جنسه واجب، أو مشتملا على الواجب وهذا كذلك لأن الاعتكاف يشتمل على الصوم ومن جنس الصوم واجب وإن لم يكن من جنس اللبث واجب وتعقبه في الفتح في باب اليمين في الحج والصوم بأن وجوب الصوم فرع وجوب الاعتكاف بالنذر، والكلام الآن في صحة وجوب المتبوع. فكيف يستدل على لزومه بلزومه ولزوم الشرط فرع لزوم المشروط. ثم قد يقال: تحقق الإجماع على لزوم الاعتكاف بالنذر موجب إهدار اشتراط وجود واجب من جنسه ا هـ. أي فهو خارج عن الأصل. (قوله ووقف مسجد) أي في كل بلدة على الظاهر ط (قوله وإلا) أي وإن لم يفعل الإمام فعلى المسلمين (قوله ما ليس من جنسه فرض) هذا هو الذي وعد بذكره. قال المصنف في شرحه وهذا يثبت أن المراد بالواجب في قولهم من جنسه واجب الفرض وبه صرح شيخنا في بحره إلخ ويأتي تمام الكلام عليه (قوله كعيادة مريض إلخ) هذا يفيد أن مرادهم بالفرض هنا فرض العين دون ما يشمل فرض الكفاية. ا هـ. ح أي فإن هذه فرض كفاية كما في مقدمة أبي الليث فافهم، وقدمنا عن البدائع خروج هذه المذكورات بقوله: عبادة مقصودة على أنه يرد عليه دخول المسجد للطواف، ولصلاة الجمعة إذا كان الإمام فيه فإن الدخول حينئذ فرض لكنه ليس مقصودا لذاته وكذا عيادة الوالدين إذا احتاجا إليه لأن برهما فرض، وقدمنا أن المشروط كونه عبادة مقصودة هو المنذور (قوله ولو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم) الأولى ذكر مسجد مكة لأنه المتوهم ط (قوله وهذا هو الضابط) الإشارة إلى ما ذكره من أن ما ليس من جنسه فرض لا يلزم. وعبارة الدرر: المنذور إذا كان له أصل في الفروض لزم الناذر كالصوم والصلاة والصدقة والاعتكاف؛ وما لا أصل له في الفروض فلا يلزم الناذر كعيادة المريض، وتشييع الجنازة ودخول المسجد، وبناء القنطرة والرباط والسقاية ونحوها هذا هو الأصل الكلي (قوله فزاد) أي على الشرطين المارين في المتن (قوله أن لا يكون معصية لذاته) قال في الفتح: وأما كون المنذور معصية يمنع انعقاد النذر فيجب أن يكون معناه إذا كان حراما لعينه أو ليس فيه جهة قربة، فإن المذهب أن نذر صوم يوم العيد ينعقد، ويجب الوفاء بصوم يوم غيره ولو صامه خرج من العهدة. ثم قال بعد ذلك قال الطحاوي: إذا أضاف النذر إلى المعاصي كلله علي أن أقتل فلانا كان يمينا ولزمته الكفارة بالحنث ا هـ. قلت: وحاصله أن الشرط كونه عبادة فيعلم منه أنه لو كان معصية لم يصح فهذا ليس شرطا خارجا عما مر، لكن صرح به مستقلا لبيان أن ما كان فيه جهة العبادة يصح النذر به لما مر من أنه يلزم الوفاء بالنذر من حيث هو قربة لا بكل وصف التزمه به فصح التزام الصوم من حيث هو صوم مع إلغاء كونه في يوم العيد، ولذا قال في الفتح: إن قلت من شروط النذر كونه بغير معصية فكيف قال أبو يوسف: إذا نذر ركعتين بلا وضوء يصح نذره خلافا لمحمد. فالجواب أن أبا يوسف صححه بوضوء لأنه حين نذر ركعتين لزمتاه بوضوء لأن التزام المشروط التزام الشرط، فقوله بعده بغير وضوء لغو لا يؤثر ونظيره إذا نذر بلا قراءة ألزمناه ركعتين بقراءة، أو نذر أن يصلي ركعة واحدة ألزمناه ركعتين، أو ثلاثا ألزمناه بأربع ا هـ. وتمامه فيه (قوله لأنه لغيره) أي لأن كونه معصية لغيره وهو الإعراض عن ضيافة الحق تعالى (قوله وأن لا يكون واجبا عليه قبل النذر) في أضحية. البدائع: لو نذر أن يضحي شاة، وذلك في أيام النحر، وهو موسر فعليه أن يضحي بشاتين عندنا شاة للنذر وشاة بإيجاب الشرع ابتداء إلا إذا عنى به الإخبار عن الواجب عليه، فلا يلزمه إلا واحدة، ولو قبل أيام النحر لزمه شاتان، بلا خلاف لأن الصيغة لا تحتمل الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت، وكذا لو كان معسرا ثم أيسر في أيام النحر لزمه شاتان. ا هـ. والحاصل أن نذر الأضحية صحيح لكنه ينصرف إلى شاة أخرى غير الواجبة عليه ابتداء بإيجاب الشرع إلا إذا قصد الإخبار عن الواجب عليه، وكان في أيامها ومثله ما لو نذر الحج لأن الأضحية والحج قد يكونان غير واجبين، بخلاف حجة الإسلام فإنها نفس الواجب عليه لأنها اسم لفريضة العمر كصوم رمضان وصلاة الظهر فلا يصح النذر بها بخلاف ما قد يكون تطوعا واجبا كالصلاة والصوم كما سنحققه في الأضحية إن شاء الله تعالى (قوله أو ملكا لغيره) فإن قيل: إن النذر به معصية فيغني عنه ما مر قلنا إنه ليس معصية لذاته، وإنما هو لحق الغير أفاده في البحر لكنه خارج بكونه لا يملكه فيشمل الزائد على ما يملكه وما لا ملك له فيه أصلا كهذا وفي البحر عن الخلاصة لو قال: لله علي أن أهدي هذه الشاة وهي ملك الغير لا يصح النذر بخلاف قوله: لأهدين ولو نوى اليمين كان يمينا ا هـ. قال في النهر: والفرق بين التأكيد وعدمه مما لا أثر له يظهر في صحة النذر وعدمه، ثم على الصحة هل تلزمه قيمتها أو يتوقف الحال إلى ملكها؟ محل تردد. ا هـ. قلت: الظاهر الثاني لأن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم فإذا صح نذره توقف إلى ملكها ليمكن إهداؤها تأمل ويظهر لي أن قوله لأهدين يمين لا نذر وقوله: ولو نوى اليمين كان يمينا راجع إلى المسألة الأولى فإن تم هذا اتضح الفرق فتأمل. (قوله لزمه المائة فقط) سيذكر الشارح وجهه (قوله قلت ويزاد إلخ) ذكر هذا الشرط صاحب البحر في باب الاعتكاف وعزا الفرع المذكور إلى الولوالجية قال ط: وبه صارت الشروط سبعة ما في المتن وهذه الخمسة لكن اشتراط أن لا يكون أكثر مما يملك وأن لا يكون ملك الغير خاصا ببعض صور النذر (قوله مستحيل الكون) يشمل الاستحالة الشرعية لما في الاختيار: لو نذرت صوم أيام حيضها أو قالت: لله علي أن أصوم غدا فحاضت فهو باطل عند محمد وزفر لأنها أضافت الصوم إلى وقت لا يتصور فيه وقال أبو يوسف: تقضي في المسألة الثانية لأن الإيجاب صدر صحيحا في حال لا ينافي الصوم ولا إضافة إلى زمان ينافيه إذ الصوم يتصور فيه والعجز بعارض محتمل كالمريض فتقضيه، كما إذا نذرت صوم شهر يلزمها قضاء أيام حيضها لأنه لا يجوز خلو الشهر عن الحيض فيصح الإيجاب وتمامه فيه (قوله وفي القنية إلخ) عبارتها كما في البحر: نذر أن يتصدق بدينار على الأغنياء ينبغي أن لا يصح. قلت: وينبغي أن يصح إذا نوى أبناء السبيل لأنهم محل الزكاة ا هـ. قلت: ولعل وجه عدم الصحة في الأول عدم كونها قربة أو مستحيلة الكون لعدم تحققها لأنها للغني هبة كما أن الهبة للفقير صدقة (قوله ولو نذر التسبيحات) لعل مراده التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين في كل وأطلق على الجميع تسبيحا تغليبا لكونه سابقا وفيه إشارة إلى أنه ليس من جنسها واجب، ولا فرض وفيه أن تكبير التشريق واجب على المفتى به وكذا تكبيرة الإحرام، وتكبيرات العيدين فينبغي صحة النذر به بناء على أن المراد بالواجب هو المصطلح ط. قلت: لكن ما ذكره الشارح ليس عبارة القنية وعبارتها كما في البحر، ولو نذر أن يقول دعاء كذا في دبر كل صلاة عشر مرات لم يصح (قوله لم يلزمه) وكذا لو نذر قراءة القرآن وعلله القهستاني في باب الاعتكاف بأنها للصلاة وفي الخانية ولو قال: علي الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة أو علي أن أقرأ القرآن إن فعلت كذا لا يلزمه شيء. ا هـ. قلت: وهو مشكل فإن القراءة عبادة مقصودة ومن جنسها واجب، وكذا الطواف فإنه عبادة مقصودة أيضا ثم رأيت في لباب المناسك قال في باب أنواع الأطوفة: الخامس طواف النذر وهو واجب ولا يختص بوقت فهذا صريح في صحة النذر به (قوله لزمه) لأن من جنسه فرضا وهو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مرة واحدة في العمر وتجب كلما ذكر وإنما هي فرض عملي قال ح: ومنه يعلم أنه لا يشترط كون الفرض قطعيا ط (قوله وقيل لا) لعل وجهه اشتراطه كونه في الفرض قطعيا ح (قوله ثم إن المعلق إلخ). اعلم أن المذكور في كتب ظاهر الرواية أن المعلق يجب الوفاء به مطلقا: أي سواء كان الشرط مما يراد كونه أي يطلب حصوله كإن شفى الله مريضي أو لا كإن كلمت زيدا أو دخلت الدار فكذا، وهو المسمى عند الشافعية نذر اللجاج وروي عن أبي حنيفة التفصيل المذكور هنا وأنه رجع إليه قبل موته بسبعة أيام وفي الهداية أنه قول محمد وهو الصحيح. ا هـ. ومشى عليه أصحاب المتون كالمختار والمجمع ومختصر النقاية والملتقى وغيرها، وهو مذهب الشافعي، وذكر في الفتح أنه المروي في النوادر وأنه مختار المحققين وقد انعكس الأمر على صاحب البحر، فظن أن هذا لا أصل له في الرواية، وأن رواية النوادر أنه مخير فيهما مطلقا وأن في الخلاصة قال: وبه يفتى وقد علمت أن المروي في النوادر هو التفصيل المذكور، وذكر في النهر أن الذي في الخلاصة هو التعليق بما لا يراد كونه فالإطلاق ممنوع. ا هـ. والحاصل: أنه ليس في المسألة سوى قولين الأول ظاهر الرواية عدم التخيير أصلا والثاني التفصيل المذكور وأما ما توهمه في البحر من القول الثالث وهو التخيير مطلقا وأنه المفتى به فلا أصل له كما أوضحه العلامة الشرنبلالي في رسالته المسماة تحفة التحرير فافهم (قوله بشرط يريده إلخ) انظر لو كان فاسقا يريد شرطا هو معصية فعلق عليه كما في قول الشاعر: علي إذا ما زرت ليلى بخفية *** زيارة بيت الله رجلان حافيا فهل يقال إذا باشر الشرط يجب عليه المعلق أم لا؟ ويظهر لي الوجوب لأن المنذور طاعة وقد علق وجوبها على شرط فإذا حصل الشرط لزمته، وإن كان الشرط معصية يحرم فعلها لأن هذه الطاعة غير حاملة على مباشرة المعصية بل بالعكس، وتعريف النذر صادق عليه ولذا صح النذر في قوله: إن زنيت بفلانة لكنه يتخير بينه وبين كفارة اليمين لأنه إذا كان لا يريده يصير فيه معنى اليمين فيتخير كما يأتي تقريره بخلاف ما إذا كان يريده لفوات معنى اليمين فينبغي الجزم بلزوم المنذور فيه وإن لم أره صريحا فافهم (قوله لأنه نذر بظاهره إلخ) لأنه قصد به المنع عن إيجاد الشرط فيميل إلى أي الجهتين شاء بخلاف ما إذا علق بشرط يريد ثبوته لأن معنى اليمين وهو قصد المنع غير موجود فيه لأن قصده إظهار الرغبة فيما جعل شرطا درر (قوله فيخير ضرورة) جواب عن قول صدر الشريعة. أقول: إن كان الشرط حراما كإن زنيت ينبغي أن لا يتخير لأن التخيير تخفيف والحرام لا يوجب التخفيف قال في الدرر: أقول ليس الموجب للتخفيف هو الحرام بل وجود دليل التخفيف لأن اللفظ لما كان نذرا من وجه ويمينا من وجه لزم أن يعمل بمقتضى الوجهين ولم يجز إهدار أحدهما فلزم التخيير الموجب للتخفيف بالضرورة فتدبر. ا هـ. (قوله فلا يجبره القاضي) لأن العبد لم يثبت له حق العتق عليه، لأن ذلك بمنزلة ما لو حلف بالله تعالى ليعتقه ليس له إجباره على أن يبر يمينه، لأن ذلك مجرد حق الله تعالى. (قوله نذر أن يذبح ولده إلخ) المسألة منصوصة في كافي الحاكم الشهيد وغيره، وفي شرح المجمع وشرح درر البحار أنه يجب به ذبح كبش في الحرم أو في أيام النحر في غير الحرم، وأنه يشترط لصحة النذر به في عامة الروايات أن يقول في النذر عند مقام إبراهيم أو بمكة وفي رواية عنه: لا يشترط، وفي الاختيار ولو نذر ذبح ولده أو نحره لزمه ذبح شاة عند أبي حنيفة ومحمد وكذا النذر بذبح نفسه أو عبده عند محمد، وفي الوالد والوالدة عن أبي حنيفة روايتان والأصح عدم الصحة، وقال أبو يوسف وزفر: لا يصح شيء من ذلك لأنه معصية فلا يصح ولهما في الولد مذهب جماعة من الصحابة كعلي وابن عباس وغيرهما، ومثله لا يعرف قياسا فيكون سماعا ولأن إيجاب ذبح الولد عبارة عن إيجاب ذبح الشاة، حتى لو نذر ذبحه بمكة يجب عليه ذبح الشاة بالحرم. بيانه قصة الذبيح فإن الله تعالى أوجب على الخليل ذبح ولده وأمره بذبح الشاة حيث قال: {قد صدقت الرؤيا} فيكون كذلك في شريعتنا أما {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} أو لأن شريعة من قبلنا تلزمنا حتى يثبت النسخ، وله نظائر منها أن إيجاب المشي إلى بيت الله تعالى عبارة عن حج أو عمرة وإيجاب الهدي عبارة عن إيجاب شاة، ومثله كثير وإذا كان نذر ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة لا يكون معصية بل قربة حتى قال الإسبيجابي وغيره من المشايخ إن أراد عين الذبح وعرف أنه معصية لا يصح، ونظيره الصوم في حق الشيخ الفاني معصية لإفضائه إلى إهلاكه، وصح نذره بالصوم وعليه الفدية، وجعل ذلك التزاما للفدية كذا هذا ولمحمد في النفس والعبد أن ولايته عليهما فوق ولايته على ولده ولأبي حنيفة أن وجوب الشاة على خلاف القياس عرفناه استدلالا بقصة الخليل، وإنما وردت في الولد فيقتصر عليه، ولو نذر بلفظ القتل لا يلزمه شيء بالإجماع لأن النص ورد بلفظ الذبح، والنحر مثله ولا كذلك القتل ولأن الذبح والنحر وردا في القرآن على وجه القربة والتعبد والقتل لم يرد إلا على وجه العقوبة والانتقام والنهي ولأنه لو نذر ذبح الشاة بلفظ القتل لم يصح فهذا أولى. ا هـ. (قوله لغا إجماعا) أي بناء على أصح الروايتين كما مر (قوله لأن الذبح ليس من جنسه فرض إلخ) هذا التعليل لصاحب البحر، وينافيه ما في الخانية قال: إن برئت من مرضي هذا ذبحت شاة فبرئ لا يلزمه شيء إلا أن يقول فلله علي أن أذبح شاة ا هـ.: وهي عبارة متن الدرر وعللها في شرحه بقوله لأن اللزوم لا يكون إلا بالنذر والدال عليه الثاني لا الأول ا هـ. فأفاد أن عدم الصحة لكون الصيغة المذكورة لا تدل على النذر أي لأن قوله ذبحت شاة وعد لا نذر، ويؤيده ما في البزازية لو قال إن سلم ولدي أصوم ما عشت فهذا وعد لكن في البزازية أيضا إن عوفيت صمت كذا لم يجب ما لم يقل لله علي وفي الاستحسان يجب ولو قال: إن فعلت كذا فأنا أحج ففعل يجب عليه الحج. ا هـ. فعلم أن تعليل الدرر مبني على القياس والاستحسان خلافه وينافيه أيضا قول المصنف علي شاة أذبحها أو عبارة الفتح فعلي بالفاء في جواب الشرط إذ لا شك أن هذا ليس وعدا ولا يقال إنما لم يلزمه شيء لعدم قوله لله علي لأن المصرح به صحة النذر بقوله لله علي حجة أو علي حجة فيتعين حمل ما ذكره المصنف على القول بأنه لا بد أن يكون من جنسه فرض وحمل ما في الخانية والدرر من صحة قوله لله علي أن أذبح شاة على القول بأنه يكفي أن يكون من جنسه واجب، وسيأتي في آخر الأضحية عن الخانية لو نذر عشر أضحيات لزمه ثنتان لمجيء الأمر بهما، وفي شرح الوهبانية الأصح وجوب الكل لإيجابه ما لله من جنسه إيجاب، ونقل الشارح هناك عن المصنف أن مفاده لزوم النذر بما من جنسه واجب اعتقادي أو اصطلاحي ا هـ. ويؤيده أيضا ما قدمناه عن البدائع وبه يعلم أن الأصح أن المراد بالواجب ما يشمل الفرض والواجب الاصطلاحي لا خصوص الفرض فقط (قوله فتح وبحر) يوهم أنه في الفتح ذكر هذا التعليل مع أن المذكور فيه عبارة المتن فقط وكذلك في البحر معزيا إلى مجموع النوازل (قوله ففي متن الدرر تناقض) أي حيث صرح أولا بأنه يشترط في النذر أن يكون له أصل في الفروض ونص ثانيا على صحة النذر بقوله لله علي أن أذبح شاة مع أن النذر ليس له أصل في الفروض، بل في الواجبات وأجاب ط: بأن مراده بالفرض ما يعم الواجب بأن يراد به اللازم فلا تناقض (قوله كذا في مجموع النوازل) الإشارة إلى ما في المتن من قوله ولو قال إن برئت إلى قوله جاز (قوله ووجهه لا يخفى) هو أن السبع تقوم مقامه في الضحايا والهدايا ط. مطلب النذر غير المعلق لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير (قوله لما تقرر في كتاب الصوم) أي في آخره قبيل باب الاعتكاف وعبارته هناك مع المتن: والنذر من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرها غير المعلق ولو معينا لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير فلو نذر التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للاعتكاف أو للصوم فعجل قبله عنه صح، وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة في يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل بعد وجود السبب، وهو النذر فيلغو التعيين بخلاف النذر المعلق، فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط ا هـ. قلت: وقدمنا هناك الفرق وهو أن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال كما تقرر في الأصول بل عند وجود شرطه، فلو جاز تعجيله لزم وقوعه قبل سببه فلا يصح، ويظهر من هذا أن المعلق يتعين فيه الزمان بالنظر إلى التعجيل، أما تأخيره فالظاهر أنه جائز إذ لا محذور فيه، وكذا يظهر منه أنه لا يتعين فيه المكان والدرهم والفقير لأن التعليق إنما أثر في انعقاد السببية فقط، فلذا امتنع فيه التعجيل، وتعين فيه الوقت أما المكان والدرهم والفقير فهي باقية على الأصل من عدم التعيين، ولذا اقتصر الشارح في بيان المخالفة على التعجيل فقط حيث قال: فإنه لا يجوز تعجيله فتدبر. قلت: وكما لا يتعين الفقير لا يتعين عدده ففي الخانية إن زوجت بنتي فألف درهم من مالي صدقة لكل مسكين درهم فزوج ودفع الألف إلى مسكين جملة جاز. [تنبيه] إنما لم يختص في النذر بزمان ونحوه خلافا لزفر لأن لزوم ما التزمه باعتبار ما هو قربة لا باعتبارات أخر لا دخل لها في صيرورته قربة كما مر قال في الفتح: وكذا إذا نذر ركعتين في المسجد الحرام فأداها في أقل شرفا منه أو فيما لا شرف له أجزأه خلافا لزفر لأن المعروف من الشرع أن التزامه بما هو قربة موجب ولم يثبت من الشرع اعتبار تخصيص العبد العبادة بالمكان، بل إنما عرف ذلك لله تعالى وتمامه فيه. قلت: وإنما تعين المكان في نذر الهدي والزمان في نذر الأضحية لأن كلا منهما اسم خاص معين، فالهدي ما يهدى للحرم والأضحية ما يذبح في أيامها حتى لو لم يكن كذلك لم يوجد الاسم وسنذكر تمام تحقيقه في باب اليمين في البيع إن شاء الله تعالى. (قوله جاز) أشار إلى أن تعيين ما يشترى به مثل تعيين الزمان والمكان. (قوله قضاه وحده) أي قضى ذلك اليوم فقط لئلا يقع كل الصوم في غير الوقت كما مر في الصيام (قوله وإن قال متتابعا) لأن شرط التتابع في شهر بعينه لغو لأنه متتابع لتتابع الأيام وأيضا لا يمكن الاستقبال لأنه معين درر، وأما إذا كان لشهر غير معين فإن شاء تابعه، وإن شاء فرقه إلا إذا شرط التتابع فيلزمه ويستقبل فتح أي يستقبل شهرا غيره لو أفطر يوما ولو من الأيام المنهية كما مر في الصوم وتقدم هناك تمام الكلام على ما يجب فيه التتابع وما لا يجب وما يجوز تقديمه أو تأخيره وما لا يجوز فراجعه (قوله فأكل لعذر) وكذا لدونه ح (قوله فدى) أي لكل يوم نصف صاع من بر أو صاعا من شعير وإن لم يقدر استغفر الله تعالى كما مر. (قوله لزمه ما يملك منها فقط) وإن كان عنده عروض أو خادم يساوي مائة فإنه يبيع ويتصدق، وإن كان يساوي عشرة يتصدق بعشرة وإن لم يكن شيء فلا شيء عليه كمن أوجب على نفسه ألف حجة يلزمه بقدر ما عاش في كل سنة حجة شرنبلالية عن الخانية وانظر هل يدخل في ذلك الدين كما يدخل في الوصية بثلث ماله؟ ظاهر التعليل: عدم الدخول لأن الدين لا يملكه قبل قبضه وإذا قبضه صار ملكا حادثا بعد النذر، وفي الوصية بثلث المال يعتبر ماله عند الموت تأمل لكن سيأتي في أول الشركة أن الحق كونه مملوكا (قوله لم يوجد إلخ) أي وشرط صحة النذر أن يكون المنذور ملكا للناذر أو مضافا إلى السبب كقوله إن اشتريتك فلله علي أن أعتقك ط (قوله في المساكين صدقة) أي ينفق عليهم ففي بمعنى على. (قوله ولم يصح اتفاقا) أما لو كان له مال يصح ويكون المراد به جنس مال الزكاة استحسانا أي جنس كان بلغ نصابا أو لا عليه دين مستغرق أو لا وإن لم يجد غيره أمسك منه قدر قوته فإذا ملك غيره تصدق بقدره: أي بقدر ما أمسك كما سيأتي في متفرقات القضاء إن شاء الله تعالى وذكر الشارح هناك عن البحر قال: إن فعلت كذا فما أملكه صدقة، فحيلته أن يبيع ملكه من رجل بثوب في منديل، ويقبضه ولم يره ثم يفعل ذلك ثم يرده بخيار الرؤية فلا يلزمه شيء ا هـ. قال المقدسي هناك، ومنه يعلم أن المعتبر الملك حين الحنث لا حين الحلف. ا هـ. (قوله فيما مر) أي من قوله إن النذر غير المعلق لا يختص بشيء . (قوله ولم يزد عليه) فلو قال نذر حج مثلا لزمه (قوله ولو نوى صياما إلخ) محترز قوله: ولا نية له وأشار إلى أنه لو نوى شيئا من حج أو عمرة أو غيره فعليه ما نوى كما في كافي الحاكم (قوله لزمه ثلاثة أيام) لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى، وأدنى ذلك في الصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين بحر عن الولوالجية (قوله ولو صدقة) أي بلا عدد (قوله كالفطرة) أي لكل مسكين نصف صاع بر وكذا لو قال: لله علي إطعام مسكين لزمه نصف صاع بر استحسانا وإن قال: لله علي أن أطعم المساكين على عشرة عند أبي حنيفة فتح (قوله لزمه بقدر عمره) أي لزمه أن يحج بقدر ما يعيش ومشى في لباب المناسك على أنه يلزمه الكل، وعليه أن يحج بنفسه قدر ما عاش ويجب الإيصاء بالبقية وعزاه القاري في شرحه إلى العيون والخانية والسراجية قال وفي النوازل أنه قولهما والأول قول محمد وفي الفتح الحق لزوم الكل ا هـ. ملخصا (قوله وصل بحلفه) قيد بالوصل لأنه لو فصل لا يفيد، إلا إذا كان لتنفس أو سعال أو نحوه، وعن ابن عباس أنه كان يجوز الاستثناء المنفصل لستة أشهر، ويلزمه إخراج العقود كلها عن أن تكون ملزمة وأن لا يحتاج للمحلل الثاني لأن المطلق يستثنى، وفي المسألة حكاية الإمام مع المنصور ذكرها في الدرر وغيره (قوله إن شاء الله) مفعول وصل (قوله عبادة) كنذر وإعتاق أو معاملة كطلاق وإقرار ط (قوله أو النهي) كقوله لوكيله: لا تبع لفلان إن شاء الله ط (قوله لم يصح الاستثناء) جواب قوله: ولو بالأمر فافهم: أي فللمأمور أن يبيعه والفرق أن الإيجاب يقع ملزما بحيث لا يقدر على إبطاله بعد، فيحتاج إلى الاستثناء حتى لا يلزمه حكم الإيجاب، والأمر لا يقع لازما فإنه يقدر على إبطاله بعزل المأمور به، فلا يحتاج إلى الاستثناء فيه ذخيرة وقدمناه قبيل باب الاستيلاد (قوله كما مر في الصوم) من أنه إذا وصل المشيئة بالتلفظ بالنية لا تبطل لأنها لطلب التوفيق حموي وظاهره أنها ليست فيه للاستثناء، حتى يقال إن النية ليست من الأقوال فلا تبطل بالاستثناء ط عن أبي السعود والله سبحانه وتعالى أعلم.
|