الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- حديث النهي الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب، قلت: رواه أصحاب السنن الأربعة [أخرجه أبو داود في "اللباس" ص 216 - ج 2، والنسائي في "الفرع والعتيرة" ص 191 - ج 2، وهذا اللفظ له، وابن ماجه في "اللباس" ص 266، والترمذي في "اللباس" ص 206 ج 1، وابن حزم في "المحلى" ص 121 - ج 1 من طريق النسائي، وصححه.] من حديث الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد اللّه بن عكيم عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب، انتهى. أخرجه النسائي في الذبائح، والباقون في اللباس، قال الترمذي: حديث حسن، وقد روى عن عبد اللّه بن عكيم عن أشياخ له، قال: وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث [وفي رواية الترمذي "لما ذكر فيه قبل وفاته" إلخ.] قبل وفاته بشهرين، ويقول : كان هذا آخر أمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده، انتهى. رواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع السادس والمائة، من القسم الثاني، من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد اللّه بن عكيم الجهني، قال: قرئ علينا كتاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ونحن بأرض جهينة" أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب"، انتهى. ثم رواه عن ابن أبي ليلى أيضًا عن عبد اللّه بن عكيم [قلت: هو عند الطحاوي: ص 271 - ج 1 من حديث القاسم بن مخيمرة عن عبد اللّه بن عكيم، قال: حدثني أشياخ جهينة، قالوا: أتانا كتاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، الحديث، وكذا عند البيهقي في "سننه" ص 25 - ج 1] ثنا مشيخة لنا من جهينة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتب اليهم "أن لا تستمتعوا من الميتة بشيء"، انتهى. قال: وهذا ربما أوهم عالَمًا، أن الخبر ليس بمتصل [قال ابن أبي حاتم في "العلل" ص 52 - ج 1، قال أبي: لم يسمع عبد اللّه بن عكيم من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وإنما هو كتابه، اهـ] وليس كذلك، فإن الصحابي قد يسمع من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ شيئًا ثم يسمعه من صحابي آخر، فمرة يخبر به النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ومرة يرويه عن الصحابي، ألا يُرى أن ابن عمر شهد سؤال جبرئيل، - عن الإيمان - رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وسمعه من عمر بن الخطاب، فمرة أخبر بما شاهد، ومرة روى عن أبيه ما سمع، وعلى ذلك يحمل حديث ابن عكيم من غير أن يكون في الخبر انقطاع، قال: والمراد بقوله: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب" أي قبل الدباغ، انتهى كلامه. ورواه أحمد في "مسنده" [ص 31] والطبراني في "معجمه" والبيهقي في "سننه" [ص 115] وعند أحمد قبل موته بشهر أو بشهرين، قال البيهقي: وجاء في لفظ آخر: قبل موته بأربعين يومًا، وجاء عن ابن عكيم : ثنا مشيخة لنا من جهينة، ثم أسند إلى ابن معين أنه قال في حديث ثقات الناس عن ابن عكيم : أنه قال: حدثنا أصحابنا أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتب اليهم، يريد تعليل الحديث بذلك، قال البيهقي: وهو محمول عندنا على ما قبل الدبغ بدليل ما هو أوضح منه، فذكر حديث شاة ميمونة، انتهى. ورواه الطبراني في "معجمه الوسط" ولفظه: قال: كتب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ونحن في أرض جهينة "أني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب" وفي سنده فضالة بن مفضل بن فضالة المصري، قال أبو حاتم [وقال العقيلي: في حديثه نظر، وقيل: كان يشرب المسكر ويلعب بالشطرنج في المسجد، وقال أبو حاتم أيضًا: سألت عنه سعيد بن عيسى بن تليد فثبطني عنه، وقال: الحديث الذي يحدث به موضوع أو نحو هذا، قلت: كان على الشرطة بمصر، وذكره ابن أبي حاتم في الثقات ص 12 "لسان الميزان".]: لم يكن بأهل أن نكتب عنه العلم، انتهى. قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": والذي يعلل به حديث عبد اللّه بن عكيم، الاختلاف، فروى ابن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعن الحكم بن عتيبة عن عبد اللّه بن عكيم، وروى أبو داود من جهة خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن [م أجد زيادة "عن عبد الرحمن" في نسخ أبي داود المطبوعة التي عندي، ورواه البيهقي: ص 15 - ج 1 من طريق أبي داود، وليس فيه أيضًا، ورواه الحازمي من طريق أبي داود، وفيه عن عبد الرحمن أنه، الخ. فلعل نسخ أبي داود فيها مختلفة، واللّه أعلم] أنه انطلق هو وناس إلى عبد اللّه بن عكيم، قال: فدخلوا وقعدت على الباب، فخرجوا اليّ فأخبروني أن عبد اللّه بن عكيم أخبرهم أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتب إلى جهينة قبل موته بشهر، الحديث، قال: ففي هذه الرواية أنه سمعه من الناس الداخلين عليه، وهم مجهولون، انتهى. قال أبو داود: قال النضر بن شميل: إنما يسمى إهابًا ما لم يدبغ، فإذا دبغ سمي شنًا وقربة، انتهى. وقال النووي في "الخلاصة": وحديث ابن عكيم أعلّ بأمور ثلاثة: أحدها: الاضطراب في سنده، كما تقدم. والثاني: الاضطراب في متنه، فروي قبل موته بثلاثة أيام، وروي بشهرين، وروي بأربعين يومًا. والثالث: الاختلاف في صحبته، قال البيهقي. وغيره: لا صحبة له، فهو مرسل، انتهى. قال الحازمي في "كتابه الناسخ والمنسوخ [ص 39، ولكن ليس فيه "وحديث ابن عباس سماع" من النسخ المطبوعة]": وحكى الخلال في "كتابه": أن أحمد توقف في حديث ابن عكيم، لما رأى تزلزل الرواة فيه، وقيل : إنه رجع عنه، قال: وطريق الإنصاف أن حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ [ولو صح" كذا في "الحازمي".] ولكنه كثير الاضطراب، وحديث ابن عباس سماع وحديث ابن عكيم "كتاب" والكتاب. والوجادة. والمناولة كلها مرجوحات لما فيها من شبه الانقطاع بعدم المشافهة. ولو صح فهو لا يقاوم حديث ابن عباس في الصحة، ومن شرط الناسخ أن يكون أصح سندًا، وأقوم قاعدة من جميع جهات الترجيح، على ما قررناه في "مقدمة الكتاب" وغير خاف على من صناعته الحديث أن حديث ابن عكيم لا يوازي حديث ابن عباس في جهة واحدة من جهات الترجيح، فضلًا عن جميعها، انتهى كلامه.
|